ضياء المحسن ||
كثر الحديث عن زيارة البابا فرنسيس الى العراق ولقاءه بمرجع الطائفة الشيعية علي السيستاني، حيث يمثل هذين الرجلين قطبي أكبر ديانتين في المعمورة، ومع إختلافنا فيما قيل ويقال حول أهداف الزيارة البابوية، فإن أفضل ما يمكن أن يتوقعه العراقيون من الزيارة هو وصول أفواج الحجاج المسيح الى بيت النبي إبراهيم في ناصرية العراق.
حقيقة قد تكون هذه واحدة من نتائج الزيارة المهمة، والتي يجب على الحكومة العراقية إستثمارها على أكمل وجه، من خلال الإهتمام الذي يجب أن توليه لهذه المحافظة التي تضم مهد الديانة الإبراهيمية، ناهيك عن كونها تضم طبيعة رائعة والمتمثلة بالأهوار الممتدة ما بين محافظات ميسان والكوت، حيث من المتوقع أن يكون أعداد الزائرين لهذه المواقع يتجاوز العشرة مليون سائح سنويا، أي ما يقدر بأكثر من عشرة مليار دولار سنويا، الأمر الذي من شأنه تغيير الواقع الخدمي والإجتماعي لهذه المحافظات.
المحور الأساس في الزيارة والذي لم يتطرق له أحد، هو لقاء نيافة البابا فرنسيس مع سيد النجف الأشرف المرجع الشيعي علي السيستاني، وبحسب علمنا فإن البابا على إطلاع بالدور الذي لعبه مرجع الطائفة الشيعية في وأد الفتنة التي كادت أن تذهب بالعراق الى حرب طائفية عندما قامت عصابات القاعدة الإرهابية بتفجير مرقدي الإمامين العسكريين المقدسين لدى الشيعة في قضاء سامراء، كما أن نيافته على دراية بالدور الذي لعبه السيد علي السيستاني في إيقاف تقدم عصابات داعش ومنعها من الإقتراب لبغداد عام 2014 عندما أصدر فتوى الجهاد الكفائي، بالإضافة الى ما يقوم به من دور في تقريب وجهات النظر بين الشركاء في العملية السياسية الديمقراطية في العراق، مع ما يشوبها من مد وجزر بين هذه الأطراف.
قد يتصور البعض أن اللقاء سيكون بين الرجلين بروتوكوليا، حتى أن بعضهم ذهب للتندر عما يمكن أن يقدمه كل منهما للأخر، وينسى أن هذين الشخصين يحملان هموم الناس التي تقلدهما.
لقاء هاتين الشخصيتين في هذا الوقت الذي يمر به العالم، الذي تعصف به رياح شتى ليس أقلها خطورة وباء كورونا، بالإضافة الى التحدي الكبير والمتمثل بعصابات داعش التكفيرية، والتي لم تستثنِ أحدا بغض النظر عن لونه وجنسه وديانته، فطالما أنه لا يعتقد بما تعتقد به هذه العصابات التكفيرية، فإنه هدف لسلاحهم ومقاصلهم التي يقطعون بها رؤوس الأبرياء.
عيون المليارات من المؤمنين (المسيحيين والمسلمين) تتجه صوب العراق وما يتمخض عنه اللقاء الأكبر في تاريخ البشرية بين قطبي الديانتين المسيحية والإسلامية في ضرورة توحيد جهود الإنسان لتعمير الأرض التي إستخلفنا الباري عز وجل فيها لنعمرها، وضرورة التصدي للأفكار التكفيرية التي لا تريد أن يسود العدل والمساواة بين الناس في مختلف أصقاع الأرض.
ما نأمله حقا من هذه الزيارة التاريخية أن يعود الوئام والسلام على هذه الأرض التي عاش عليها وانطلق منها أغلب الأنبياء للتبشير بأن الأرض يرثها العباد الصالحون.
https://telegram.me/buratha