خضير العواد ||
زيارة البابا للعراق في هذه الظروف الصعبة من ناحية انتشار الوباء وكذلك الوضع الأمني وخصوصاً مدينة الناصرية التي تقع فيها مدينة أور التي تحتضن بيت بني الله إبراهيم عليه السلام ومكان ولادته وهذا المكان يعتبر أهم مرحلة من مراحل زيارة البابا لأنه البقعة التي يريد الحج لها البابا ، هذه الزيارة مخطط لها منذ أكثر من عشرين سنة وكان يريد القيام بها البابا يوحنا بولص الثاني للألفية الثانية لولادة نبي الله السيد المسيح عليه السلام ولكنها تأجلت بسبب الظروف الأمنية التي كانت تحيط بالعراق في تلك الفترة وقد بذل جهده الدكتاتور صدام من أجل إتمام هذه الزيارة من أجل الحصول على المكاسب السياسية والاقتصادية ، والظروف في هذه المرحلة أخطر وأصعب من تلك ولكن البابا يصّر على إتمام هذه الزيارة ويؤكد عليها ؟؟ وهذا التأكيد له دوافع كثيرة ولكن من أهمها :
أولاً : الإنتصار على داعش وحماية المكون المسيحي واحتضانه من قبل الشيعة تحت خيمة المرجعية مع خذلان الفاتكان لهم المتمثل بالبابا ، هذا الإنتصار الذي قادته المرجعية الدينية المتمثلة بمرجعية السيد السيستاني قد هز العالم بأسره وأظهر شجاعة وأبوة وإقدام وأخلاق المرجعية الذي أحتضن جميع مكونات الشعب العراقي ولم يفرق بينهم قيد أنملة بل كان الأب الحنون للجميع وقد ظهر ذلك جلياً من خلال كلماته ولقاءاته وأفعاله ، هذا الدور القيادي الأبوي للمرجعية أخذ مأخذه من جميع الشعوب في العالم وخصوصاً مكونات الشعب العراقي ومنهم المكون المسيحي ، لهذا السبب أراد الفاتكان أن يرجع هيبته ومكانته في قلوب أتباعه من المسيحيين أولا وشعوب العالم ثانياً من خلال زيارة البابا لقائد النصر السيد السيستاني ومشاركته أجواء هذا الإنتصار الإنساني العظيم بالإضافة الى إشعار المسيحيين بشكل خاص وجميع الشعب العراقي بشكل عام أنه معهم بالرغم من هذه الظروف الصعبة التي يمر بها العراق والعالم .
ثانياً : مظاهرات تشرين التي أظهرت ابتعاد الكثير من الشباب عن الدين بل أظهرت هذه المظاهرات أن أغلب الشباب الذي شاركوا فيها فاقدين للهوية بعد أن غُسلت أدمغتهم الهجمة الشرسة لوسائل الإعلام بمختلف أدواتها من فضائيات ووسائل التواصل الإجتماعي ودورات المجتمع المدني وغياب الوسائل التثقيفية مع الفساد الذي أنتشر في البلد كل هذه الأسباب ساعدة على ضياع هوية الشباب الدينية بل أصبح أغلبهم يكره الدين وأهله ، فهذه الفئة من الشباب قد خطفت اهتمام الفاتكان لأنها فرصة ذهبية يجب أن تستغل بأفضل الطرق من أجل نشر المسيحية في وسط وجنوب العراق أو تعميق فقدان الهوية وهذا كان من المستحيلات التي تتحقق لولا تلك الوسائل التي ساعدة الى وصول الشباب الى هذا الضياع في الهوية الدينية .
ثالثاً : الحج الى بيت نبي الله إبراهيم عليه السلام في مدينة اور له ابعاد كبيرة وعميقة في طرح الديانة الإبراهيمية والترويج لها إن كان بقصد او من غير قصد وهذا ما ينادي به مشجعي التطبيع والتقارب مع إسرائيل ، لأن هذا الحج غريب بعض الشيء عن الديانة المسيحية ولم يذكر لنا التاريخ ان أحد الباباوات او قساوستهم ان حج مثل هذا الحج او نادى اليه إلا بعد أن طرحت فكرة الترويج للديانة الإبراهيمية .
لهذا نقول ابعاد هذه الزيارة عميقة جداً وخطيرة ومن يستغلها بالشكل الصحيح من المؤسسات الشيعية او المؤسسات المسيحية سوف يستثمر نتائجها على المدى القريب والبعيد ويظهر وجوده المؤثر في الساحة العراقية او الإقليمية او العالمية لهذا نرجو ونتمنى ممن ساهم في إتمام هذه الزيارة التاريخية ان يكون بقدر المسؤولية ويستثمر كل خطوة وكلمة فيها بالشكل الذي يصب في مصلحة العراق وشعبه والإنسانية كافة .
https://telegram.me/buratha