حسين فلسطين ||
مع بزوغ الثورة الاسلامية في ايران واشتداد عود النجف الاشرف الذي عانى أشد أنواع الدكتاتوريات في تأريخ البشرية اصبح الشيعة حالة استثنائية لا تتكرر لما اضفي عليها من طابعي القوة والتماسك الذين فقدتهما باقي الطوائف الاسلامية والغير إسلامية لأسباب عديدة منها ايدلوجية و فكرية و اسباب أخرى تتعلق بسلوكيات عامة خلقها حكام وسلاطين انتهجوا الظلم والإرهاب والدكتاتورية بحق رعاياهم كنوع من أنواع أحكام السيطرة والاستئثار بالسلطة .
تصدر الشيعة مشهد المواجهة وخروجهم منتصرين لم يأتي لمجرد ثرائهم التأريخي العظيم بل لوجود مرجعيات دينية ادامت هذا الثراء الفكري والثقافي و عملت رغم قساوة الظروف من أجل إيجاد حالة تحافظ من خلالها على كيان وجسد الأمة والإنسان بصورة عامة وهذا ما بان اثره في كثير من الأحداث والمواقف فالمقاومة الفلسطينية وحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن وفصائل المقاومة في العراق جميعها دون استثناء كانت بمثابة السيف الذي تحمله يمين المرجع للدفاع عن حقوق الأمة وكرامة الإنسان دون أن تتداخل معايير الدفاع فيما بينها وتصدر المواطنة والإنسانية كمعيارين يوجبان الدفاع عن المظلوم في ايّ بقعة من بقاع الأرض .
وعلى ما يبدو أن التخطيط لزيارة بابا الفاتيكان إلى العراق وتقصده مدينة النجف الاشرف ولقائه المرجع الاعلى سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني أخذ حيزاً كبيراً من الوقت كذلك تفكيراً عميق لأجل إعداد اهم الملفات التي سيتم النقاش فيها خصوصاً مع استشعار الكنسية المسيحية وكبار زعماء الطوائف و الأديان والمذاهب الأخرى أن المرجعية أصبحت بسلوكها وانسانيتها وحرصها على سلامة وكرامة الإنسان عنصر استقطاب ليس له منافس ، فالفتوى التي أنتجت الحشد الشعبي وفضائل المقاومة الإسلامية كانت الحصن الحصين لمكونات الشعب العراقي وشعوب المنطقة التي تعرضت للأرهاب السني المتطرف المدعوم من قبل الكيان الصهيوني ودول تدين بالمسيحية كأمريكا وبريطانيا !
حالة لجوء الطوائف الاسلامية والغير إسلامية للمرجعية الشيعية أصبح أمر معتاد ومنذ وقت ليس بقصير فالمسيح في لبنان وفلسطين وسوريا والعراق اصبحوا اكثر امناً في ظل المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي وإن ثقة المكونات بلغت حدود قد لا تتكرر في اي مكان وزمان أخرين والتي أنتجت عن انتماء تنظيمي لم ينتهي بتكوين فصائل تدخل هيكلية المقاومة فحسب بل ان الامر بلغ حد الاندماج والانصهار العقائدي بالسعي الدائم لتنمية العامل الإنساني المشترك فيما بينهم .
إشادة قداسة الحبر الاعظم بابا الفاتيكان بالدور الشيعي المتضمن فصائل المقاومة والحشد الشعبي والمرجعية العليا بزعامة السيد السيستاني لم تكن مجرد كلمات شكر فحسب بل انها حملت إشارات وايحاءات متعددة منها تحّمل الطائفة الشيعية وحدها مسؤولية مواجهة الإرهاب والتطرف والقتل وهو ما يوحي بضرورة إبقاء الحشد والمقاومة لمواجهة الأخطار القادمة وهذا الإيحاء خلاف ما تتمناه المسيحية الصهيونية واضافة لغيرهم سواء بقناعة أو بعدمها كونها أصبحت أمر واقع ، كذلك فإن البابا فرنسيس أشار بعناية كبيرة واختار اكثر الكلمات بلاغة وهي "قدسية الحياة البشرية" وهو اعتراف ضمني بأن الشيعة بمثابة الاب الذي يدافع عن أبنائه وإن حالة الاندفاع في أبداء المساعدة والحماية تشتد كلما ضعف حال المستهدف ومستوى الخطر الذي يتعرض له !
وبالتالي فإن عامل القوة الشيعية المتمثلة بأدوات الدفاع عن الإنسان كالحشد والفصائل قد اوجبت شكر البابا وثنائه كما لا يمكن إغفال حالة الانبهار "البابوي" بشخص السيد السيستاني وطريقة تعاطي الشيعة مع زعاماتهم الدينية خصوصا فيما يتعلق بالدفاع المقدس .
https://telegram.me/buratha