حافظ آل يشارة ||
يعرف الفساد بأنه استغلال المنصب لتحقيق مكاسب شخصية ، ولكن الفساد في معناه العام اوسع ، وله مصاديق اكثر ، فكل انحراف عن القانون او الشرع هو فساد ، اما اذا كان هدف صاحب المنصب تحقيق مصالحه الشخصية والامتناع عن تحقيق اي مصلحة لعامة المجتمع فهذا ليس فاسدا بل هو اعظم ويمكن تسميته طاغية وهو ذلك الذي يجتمع فيه حب المال وحب السلطة لأجل التفاخر وتأكيد الذات ، ودماغه خال من اي ارادة لخدمة الناس، الذي حدث في العراق ان اغلب ساسة البلد هم اما فاسدون او طغاة ، اي انهم اما ان يستغلوا مناصبهم لمنافع شخصية او انهم لم يفكروا اصلا بمصلحة اخرى غير مصالحهم الذاتية في المال والسلطة ، اما الوطنيون والصالحون في هذه الطبقة السياسية فهم قلة خذلها الاقربون وتجاهلها الابعدون ، وربما يعدهم الفاسدون اشرارا ويتم ادراجهم في قائمة الارهاب ! فيهاجمهم الناعقون والمأجورون والاراذل بلا علم.
قد يتصور البعض خطأ ان ساسة الدول المتقدمة الخالية من الفساد هم نزهاء وخلوقون وابرار ، وهذا تصور خاطئ فدول العالم متساوية تقريبا في عدد اللصوص الرسميين الا ان اختفاء الفساد في بعض الدول سببه القوة ، اي وجود السلطات القوية المدافعة عن مصالح شعبها ، فهي تطبق القانون فالجميع سواسية امام القانون ، يدعمها القضاء القوي ونظام والعقوبات الرادعة ، ان غياب القانون والسلطة والردع هو الذي ينقل السلطة الى ايدي الفاسدين فتكون سلطتهم فوق القضاء وفوق القانون بل بالعكس يكونون هم اصحاب القانون والقوة والردع ، وهنا يكون الشعب مستضعفا ، والاستضعاف يساهم في خلق ثقافة اجتماعية جديدة ، ثقافة الامر الواقع ، هذه الثقافة تجعل الناس يميلون الى تقسيم الفاسدين الى فاسدين اصدقاء وفاسدين اعداء ، فاسدين تساندهم قوة عظمى عدوة فهم اعداء ، وفاسدين تساندهم قوة عظمى صديقة فهم اصدقاء ، بل هناك فاسد وطني يرفض هيمنة الاجانب ، وفاسد خائن للوطن يؤيد هيمنة الاجانب ، وهناك فاسد شيعي من اتباع اهل البيت فهو صالح يقابله فاسد ناصبي فاسق ! فاسد متدين وفاسد لا دين له ..
هذه التقسيمات المضحكة للفاسدين اقل ما يقال عنها انها تقسيمات غير عاقلة ، يقابل ثقافة الاستضعاف عند الجمهور ثقافة التبرير والتنظير عند الحاكمين ، فبعض الساسة الفاسدين يرى بجد ان ما يحققه من مكاسب سحتية مكافأة مشروعة لدعم نفوذ الاجانب في بلده ، ويقوم بالتنظير للتبعية والتنظير لعمالته وشرعنة الخيانة ، فيقول اصحاب هذا النهج : ان العالم منذ اقدم العصور مكون من دول قوية ودول ضعيفة وهذا قدر لا مفر منه ، والدول القوية بطبيعتها توسعية استعمارية وتقوم باحتلال الدول الضعيفة بشكل مباشر او غير مباشر ، والعراق واحد من الدول الضعيفة التابعة ولكن لأهمية هذا البلد تتنازع عليه الدول القوية المختلفة ، وكل دولة تتخذ لها وكلاء واتباع وعملاء يمثلون مصالحها في البلاد ، وتغرقهم بالثروة والحماية والتلميع الاعلامي ، وتعطيهم الضوء الاخضر ليسرقوا اموال بلدهم ويكنزوها بلا رادع ، واذا لم تتفق الدول المهيمنة على نظام مصالح متوازن في البلد المنهوب فهي تلجأ الى تقسيمه ذات يوم لتأخذ كل دولة عظمى حصتها بدل النزاعات المستمرة.
ان مفاهيم الوحدة والاستقلال والرفاه والامن والعدالة مفاهيم جميلة ولها وقع ساحر على اسماع المستضعفين لذلك تستخدمها الاحزاب الفاسدة في الانتخابات لجذب الناخبين فقط .
يأمل العراقيون السير على طريق تطور الدولة وتمكين الشرفاء الشجعان النزهاء الاكفاء واجراء انتخابات حقيقية ونزيهة لازاحة الفاسدين ، وتقديم الاصلح لتشكيل حكومة ومجلس نواب وقضاء افضل ، فتكون السلطات اكثر قوة واكثر قدرة على الاصلاح والتغيير لانقاذ بلدهم وشعبهم وطرد الفاسدين ، والتحرر من الهيمنة الاجنبية ، واقامة الدولة العادلة .
https://telegram.me/buratha