المقالات

سطور بحق القاضي الشجاع محمد عريبي

2197 2021-04-04

 

✍ د. عطور الموسوي ||

 

ماكنا نتوقع يأتي يوما وينتهي حكم الطغمة البعثية الجائرة، التي جثت على صدورنا ثلاثة عقود ونيف.. فكيف نتوقع أن يحاكم رأس السلطة صدام حسين ورموزها المجرمون..

وشاءت إرادة الله سبحانه أن يتحقق حلما راود ملايين الضحايا، وسقط الصنم وتهاوت بعده أصنام عديدة وتبعثرت صوره المليونية التي ملأت أزقة الأحياء مهما كانت صغيرة.

وفر (المغوار) الى جحر تأباه الحيوانات منهزما، وقد ترك جيشه نهبا لأعتى قوات دولية متعجرفة وزلزلت أرضه دباباتهم وروعت الأبرياء .. ولكن ليس عجيبا أن يفر كالجرذ المفزوع وهو الذي سمح للجان التفتيش عن أسلحة دمار ثرثر بها أن تدخل قصوره العديدة وغرف نومه، وعبثت بمقتنياته الشخصية وهو القائد (الضرورة) و(عز العرب)..وهو الذي وصلت أسماءه جرأة على الله بنفس عدد أسماء الله الحسنى .

يوم 13 كانون الأول من عام 2003 ألقي القبض عليه وهو بأقبح هيئة، شعث، أغبر، قذر، والقمل يتناثر من شعره ولحيته الكثة.. نعم هكذا شاءت الإرادة الإلهية أن تنهار عنجهيته وهو الذي  أراق الدماء الزكية دون ورع من الله، وهمه الوحيد أن يبدو وسيما ويلعب دور حامي البوابة الشرقية .

قرابة عامين والمحكمة الجنائية العراقية العليا تتهيأ لمحاكمته وخمس وخمسين متهما بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الانسانية، وكان يوم 19 تشرين الأول من عام 2005 موعد الجلسة الأولى لتلك المحاكمة العلنية المتمتعة بكل معايير الديمقراطية وفق المعايير الدولية، ومع كل الألم الذي عاناه المضحون وهم يرون قتلة أحبتهم يحظون برعاية واهتمام ويتنعمون بحقوق الإنسان التي كانت عبارة محرمة ومن ينطقها يختفي وراء الشمس كما كان يعبر الناس طيلة عقود حكم البعث السوداء.. لكن الجميع ظل يتابع تلك الجلسات التي خرجت عن إطار المعقول في عدد جلساتها، ولم تجري مثلها في العالم حيث صدام المجرم المتجاهر بإجرامه ولا يحتاج الى دليل قد تم تعيين له عشرات من محامي الدفاع، وأدار جلساتها الأولى قاضيان كرديان ولم يضيرنا ذلك فهم ضحاياه كما نحن.. ولكن عندما تسنم منصة تلك المحكمة القاضي المرحوم محمد العريبي جعل لهذه المحكمة مسارا جديدا وهو يتحدث بلغة أهلنا وأوجاعهم.. نعم تحسس بكاء النساء ممن قدمن شهاداتهن وهطلت دموعه كالمطر وربما يعد هذا إخلالا بعمل القضاة .. لكنه إنسان له مشاعر حية أوجعته تلك الشهادات المؤجلة لعقدين ونيف .

قلبه العطوف هذا غير حياته تغييرا جذريا وصار يعرض خدماته لمن يحث الضحايا على الحضور لقاعة المحكمة وتقديم شهاداتهم ضد أزلام البعث متحديا مدى الضرر المحتمل الذي ربما يوقع به إداريا.

يكفيه فخرا أنه لم يهاب سطوة ذلك المجرم، ولم يسمح له أن يعيش مشاهد من عنجهيته التي استعرضها على القاضيين الكرديين، بل على العكس عامله باحتقار يستحقه ولم يخل بمهنيته العالية .

وداعا أيها القاضي المقدام وقد أوجعت بموتك قلوب أناس أبهجتهم إدارتك لجلسات محاكمة فرعون زمانهم وزبانيته، وكن على ثقة هم لم ولن ينسوا صولتك للحق أمام ذلك العتل الزنيم ولم ترتبك وتتعلثم أمامه كأحد قضاتها .

تغمدك الله برحمته فأنت حتما لن تحشر مع الظالم، وانما مع من ظلمهم من شهداء ومضحين فأنت نصرتهم وهم في عليائهم رزقك الله شفاعة الشهداء الابرار .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك