عدنان جواد ||
انطلاقاً من مضمون حديث الرسول صلى الله عليه واله وسلم بعد الفراغ من المعركة التي تم النصر العسكري فيها قال: " الان انتهى الجهاد الاصغر وبدا الجهاد الاكبر"، فقيل وما هو الجهاد الاكبر بعد هذه المعارك الشرسة ، قال جهاد النفس ، الاحزاب الاسلامية في العراق اغلب قادتها تفقهوا في الدين ولديهم اطلاع واسع على ما ورد في القران الكريم والسنة النبوية وقول الامام المعصوم وغير المعصوم ، فهم خاضوا الجهاد والشجعان منهم نالوا الشهادة، ومن بقى منهم اما كان في المهجر عاش العوز والتشرد.
ولكن وبعد ان عادوا الى البلد بعد سقوط الدكتاتورية مع الاسف نسوا الجهاد والمجاهدين والاهداف الكبيرة لخدمة الوطن والشعب، فقبل 18 سنة كانت تلك الاحزاب تجاهد من اجل اسقاط ذلك النظام ورفع الظلم واعادة الحقوق الى اصحابها واقامة الحكم العادل والرشيد، لكنهم نسوا العادل واتبعوا سيرة الرشيد في الحكم، ففي كتاباتهم الكثير من الوعظ الارشاد وقول المثل العليا في الاخلاق والقيم والمبادئ، لكن التطبيق يختلف.
فاليوم ما يواجه تلك الاحزاب ليس العدو الخارجي كما يصوره البعض المتمثل بإسرائيل وداعش والقاعدة ولا نقول امريكا فالكثير من تلك الاحزاب يعتبرها صديقها الكبير الصدوق الذي قد حرر العراق من النظام الدكتاتوري ولا زال يقدم الدعم للحكومات العراقية المتعاقبة، ولكن الاغراء والانشغال بالحصول على المكاسب السياسية والاجتماعية والمادية، يرافقها تراجعاً في المجالات كافة، التي تهم الناس والشعب الذي كانوا يناضلون من اجل اسعاده.
وان البيئة والحاضنة الاجتماعية لهذه الاحزاب بعد ان كانت مرحبة بها ومحتضنه لها في بداية قدومها بل البعض كان يقدسها، وقد تم منحها فرص كبيرة لعمل شيء يخدم المواطن من خلال انتخابها واعطائها سنوات من الصبر والانتظار لتطبيق الوعود الانتخابية، لكنها خيبت امال شعبها ومردييها بالاهتمام بمصالحها الشخصية والحزبية والعائلية، ونست وتناست اهدافها القديمة ايام الجهاد بالتكافل والتعاون والتضحية لخدمة الاخرين، فبقدر القرب منها السابق اصبحت الناس تنفر منها نفور الغنم من الذئب.
فتلك الاحزاب سلكت طريق تم تعبيده لها ومن دون عناء، وما عليهم الا الغرف من اموال الشعب المسكين ووضعها في خزائنهم ومصارفهم الخاصة، وتقريب الانتهازيين والحرامية، وابتعدت كثيراً عن البناء الاخلاقي والثقافي، فاصبح افراد تلك الاحزاب رجال اعمال يستخدمون نفوذهم في السلطة لجمع الاموال عن طريق الهيئات الاقتصادية والاعمال المشبوهة، بإدخال المواد الفاسدة من الاغذية والادوية والتي تحطم الاقتصاد العراقي.
وبدا واضحاً مظاهر الرفاهية من اشكال ونوعيات السيارات الفخمة والشقق والقصور ونوعية الالبسة، فأوجدوا طبقتين مختلفتين طبقة تتمتع بإمكانيات مالية كبيرة وطبقة تعيش تحت خط الفقر، قد يكون الاشخاص الفاسدين غير منتمين للأحزاب كقيادات عليا، لكنهم يرتبطون بها برباط وثيق فهم يؤمنون خدمات خاصة لتلك الاحزاب مقابل منحهم الثقة لتوسيع اعمالهم وتنويع مصدر سرقاتهم، فانتشرت المخدرات وتراجع الالتزام الديني والاخلاقي والقيمي.
فاذا ارادت الاحزاب الاسلامية وقبل غرق السفينة ، بوضع خطة متكاملة وشاملة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من مظاهر الفساد والتراجع الثقافي والاجتماعي، بالإسراع بإعادة الاموال المسروقة وانتشال الطبقة المحرومة من حرمانها، وبناء المدارس والمستشفيات وتأهيل البنيات السكنية بأموال الشعب المنهوبة، ودعم القانون والجهات التي تطبقه بصدق وامان لمواجهة تجار المخدرات والفساد الاجتماعي، بتعزيز دور الدولة في المناطق كافة وعلى جميع الافراد بدون استثناء.
وعليها وقبل فوات الاوان استبدال كوادرها الفاسدة والمنحرفة، بأخرى من اصحاب الدين الصدق وليس المرائي، والاخلاق والحس الوطني، والا فمعركة الجهاد الاكبر هي من سوف تسقط تلك الاحزاب، فقد ذهبت الانقلابات العسكرية لإسقاط الانظمة والحكومات، وانما اليوم تحرك الشارع القوة الناعمة التي جعلت تلك الاحزاب تبتلع الطعم، طعم السلطة، وحركت الشعب عليها بفضائح تعلم اسرارها تطرحها في الوقت المناسب من قبل صديقها الكبير، صحيح ان مهمة الاصلاح وتصحيح المسار تحتاج الى ارادة قوية من قبل زعامات الاحزاب وبمساندة اعضائها المؤمنين بدور الاحزاب في السلطة لخدمة الشعب وليس خدمة انفسهم، فالمعركة الداخلية ليست اقل اهمية او خطرها اقل من الحرب الخارجية.
فالحرب الخارجية قد تقوي موقف الاحزاب الاسلامية لكن الداخلية تضعف وتشتت الشعب وتجعله متفرقاً متناحراً فمن يفقد التحكم بزمام نفسه يفقد السيطرة على كل شيء ولذلك وصفه الرسول الاكرم بالجهاد الاكبر.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha