المقالات

عراق ما بين قوسي نيسان

1742 2021-04-08

  د.نعمه العبادي||

غريبة هي المصادفات التي جمعها شهر نيسان والمتعلقة بمصير العراق، قديمه وحديثه، وبشكل متناقض، ففيه ما يسمى بمولد حزب البعث العربي الاشتراكي، ومولد صدام حسين، وشهادة الكبير المفكر محمد باقر الصدر، وتحرير/ احتلال العراق، وبدأ نظام سياسي جديد يشارف عمره على الثمانية عشر سنة. احجية السلطة والثروة، والافساد والاصلاح، اختزلت معظم تاريخ العراق المعاصر ما بين قوسي نيسان، فمن حزب اراد صياغة البلد عبر هوية قومية اخترعتها هواجس اقليات دينية على طراز النموذج الفرنسي في الشام أولاً من أجل انهاء فكرة الاغلبية على اساس الدين الى رفع القومية التي تساوي عندهم اللغة والعربية تحديدا، بوصفها الاساس الذي تبنى عليه الأمة التي هي قوام الدولة الجديدة وقيمها، فأنتهى الأمر به الى مقرات بوليسية، واعضاء متلصصين يستبدلون حديث الأيدلوجيا بتقارير الوشاية، وهم بمثابة مخبرين علنيين ينتشرن في كل الازقة والاحياء بعد ان تمددت رقة التمثيل الحزبي في القرى الى مستوى فرقة خصوصا في الجنوب عقب انتفاضة شعبان، وفكر شوفيني شمولي لا يسمح بأي وجهة نظر مختلفة ولو ضمن سياق افكار الحزب نفسه الى رجل افرغ كل عقده النفسية والشخصية التي وسمت طفولته وشبابه في ظل تربية حملت معظم محطاتها عشرات الاستفهام، وعبر ممارسة استثنائية من البطش والجور، وتلذذ مفرط بالحروب والدم، وتفرد ساحق لا يقبل حتى شراكة ظله، وقد انتهى الامر الى خراب كل شيء وحفرة قذرة واحتلال بغيض. مقصلة  محمد باقر الصدر التي اجهزت على رجل نبيل، استوعب مبادئ الدين بعمق، وفهم اثر التوحيد في حركة الانسان، وعزم على تكريسها في مشروع وطني قائم على العدالة والانصاف، وقد تم ذلك عبر عبقريته المتفردة لتنتهي الامور الى تحويل اسمه واثره وحتى رفاته الى سلم للقرصنة السياسية واستثمارات السلطة، واعادة التباكي عليه بمناديل مسروقة من جيوب الفقراء، بل بقطع منهوبة من أردية البؤساء، وستر الايتام والفقراء مع عزف لاسطوانة مشروخة تتحدث عن علاقة مزعومة مع هذا الرجل الابيض الكف وهو براء من كل هذا، ثم يأتي ختام المشهد عبر عملية تغيير كانت حلماً منتظراً، حمله الكبار والصغار، وأعيى الكثير من انتظاره،  ليكون مفتتحه انقساماً حاداً حول شرعيته وحقيقيته، فبين من يراه خلاصاً  وتحريراً، وآخر يراه احتلالاً ومهانة، لينتهي الأمر بطغيان شعور غريب صار يخالج المعظم في موقفهم من هذا الحلم المنتظر وخيبتهم به، بحيث وصلت الامور إلى المفاضلة ما بينه وبين الماضي بكل سوداويته، واصبحت كفة المقارنة تنحاز تدريجياً في اذهان الكثيرين لصالح الماضي في ظل متوالية خراب يسلم كل جيل سياسي، وحفنة من طارئين لمن يأتي بعدهم (عُدَدَ التقويض) بكل أمانة. محصلة تقول بمجملها: " ليت نيسان لم يكن شهرا في سنة العراقيين" ، وفي ذات الوقت تتطلب بإلحاح: اعادة التبصر بعمق في كل هذه المتناقضات التي انحصرت بين قوسي هذا الشهر الذي طالما كان محملاً بالزوابع والاتربة والعواصف، وعرفه العراقيون بمزاجه المتقلب، وثريته المهوسة بمطارية الاشياء ونثرها وتخريبها عبر موجات عواصف مجنونة، والسؤال الذي يناسب هذا التبصر: يا نيسان: لماذا وكيف ومتى؟
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك