حسين فلسطين ||
أربعون عاماً مضت على رحيل مفكر وشهيد الاسلام والإنسانية الشهيد (محمد باقر الصدر) بعد ان استشعرت الصهيونية العالمية واذرعها الوهابية خطورة واهمية اهداف الصدر الذي بدأ و للوهلة الأولى مشروعاً استشهادياً لا يخط الاّ بفيض دمائه الطاهرة لتحرير العراق والأمة الإسلامية من سطوة الكيان الإسرائيلي الغاصب وعملائه من الحكام العرب الذين اوغلوا في قتل الإنسان ومصادرة حريته وإهانة كرامته .
بادئ الأمر كشف الإمام الشهيد محمد باقر الصدر ( قد ) عن موقفه أزاء قضيتين مهمتين الأولى مسألة تولي البعث حكم العراق والثانية المسألة الفلسطينية والدور الصهيوني لاختراق العالم الإسلامي والعربي في ظاهره يتحمل الظهور اما بشكلاٍ مباشر أو غير مباشر خلال حلفاء وأصدقاء النظام الصهيوني الغاصب بقولهِ " إن إسرائيل تعبير عن مصالح الصهيونية وأمريكا في السيطرة على العالم الإسلامي بأسره وإن السلطات العربية تشيع هذه الأيام وفي المستقبل مناخ التسوية معها تمهيداً لقبولها أمراً واقعاً من قبل المسلمين والعرب " وبالتالي فإن الشهيد رضوان الله تعالى عليه لم يفرق او يقارن بين الأنظمة العربية وبين الكيان الإسرائيلي واعتبر أن الصهيونية مجموعة مصالح تسعى لتنفيذها قوى سياسية حاكمة كما في العراق الذي يتولى حكمه حزب البعث بقيادة المقبور صدام.
أن المنظومة الفكرية للشهيد محمد باقر الصدر (رض) بما تتضمنه من فقه وأصول وعقائد او تاريخ و منطق و فلسفة فأن جميعها تحت ظل المشروع الفكري القائم على إثبات التلازم بين ظاهرتين وربط الأثر بالمؤثر وهو خلاف فلسفة المدارس الاخرى القائمة على المقارنة المادية ، ومن هنا فإنه من الممكن إيضاح حالة التلازم والتكامل بين الطائفية الوهابية والصهيونية العالمية وانهما حالة واحدة تعددت أوجهها فكان البعث في العراق ونظام الشاه في ايران وحكم العوائل في الخليج تلازماً فكرياً ومنهجياً جسد معنى الصهيونية على أتم وجه.
أن المهام التي قام بها البعث في العراق والوهابية في الكيان السعودي والإسرائيلية في فلسطين المحتلة وما رافقها من أدوار ثانوية في دول عربية وإسلامية خاضعة لحكام طغاة تجسيد للصهيونية بكل ما تحمله من أهداف ومشاريع وبالتالي فبمجرد تسليط الضوء على الأحداث التي بدأت منتصف سبعينيات القرن الماضي سنجد أن الأطراف أنفة الذكر قد أدت واجبها على أتم وجه فعلى سبيل المثال لا الحصر حدوث الحرب " حرب الأيام الأربعة " بين ليبيا ومصر عام ١٩٧٧ ومن ثم شن صدام الحرب على الجمهورية الإسلامية في إيران فالحرب الإسرائيلية على سوريا ولبنان اضافة لخوض الكيان السعودي حملات داخلية وخارجية تستهدف الشيعة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان والحجاز و تمكنت من تحقيق تقدم كبير في نشر الوهابية في دول وسط آسيا وجنوبها وشمال أفريقيا وبالتالي فإن جميع تلك الأحداث صبت في المستنقع ( الصهيوني_الوهابي )
فضح الشهيد الصدر لحقيقة الأنظمة الحاكمة في العراق والمنطقة العربية بأسلوب وطريقة علمية وفكرية رصينة جعلت جيل من الشباب العراقي والمسلم ينظر للوهابية والصهيونية كمتلازمتين لا يجب التفرقة بينمها وإن هاتين الظاهرتين لهما وجوه متعددة أبرزها نظام الطاغية صدام وإعداد الأجيال المسلمة لمعركة فكرية قادمة معهما ، لذلك عمل المحور الصهيوهابي على قتل و تقويض نهضة الشهيد الصدر الذي سرعان ما انجز و بفترة وجيزة من عمره الشريف معادلة مفاهيمية فكرية وسياسية ترجح إمكانية و قدرة المسلمين افراداً وامة على مواجهة الفكر المادي بمختلف عناوينه المعاصرة و فضح مخالفاته وتعارضه المطلق لمنهج الاسلام معتمداً على تفجير طاقات الانسان والامة الأسلامية وإعادة إحيائها وإزالة الشوائب الطائفية منها التي غرست خناجر التعصب والكراهية والتكفير في جسد هذه الأمة .
وبطبيعة الحال فإن الأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية بمختلف مسمياتها وعنواينها اتفقت على تنفيذ خطط الكيان الإسرائيلي المتضمنة مواجهة المدّ الفكري والثقافي الإسلامي للشهيد الصدر بمختلف الوسائل والطرق وإن هذه المواجهة جمعت بين الصراع الأستراتيجي مع الحوزة بقيادة محمد باقر الصدر (رض) والعشوائية الاستعجالية وهذا ما يدل على خطورة حركة الصدر على المشروع الأمريكي الصهيوني.
من هنا فإن الصدر أستطاع بأبجديات فلسفته اماطة اللثام عن وجه البعث الحقيقي الذي يجسد حالة التلازم والانصهار بين الصهيونية والوهابية لذلك جاء قرار تصفيته كخطوة لأيقاف نمو فكره الحركي المهدد لمشاريعهم التدميرية للانسان والبشرية وسرقة موارد الأمة وتبديد طاقتها وإشاعة الفساد والظلم والقتل والإرهاب .
https://telegram.me/buratha