المقالات

الفاسد والمفسد والقيم الاخلاقية..


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

الفاسد هو الذي فسدت ثقافته فيندفع بارتكاب جرائمه و ضرره وسيئاته عظيمة وهائلة ومؤذٍيه للمجتمع ، والمفسد هو الذي يدعو إلى الفساد وإلى الشر و يشجع عليه و ينميها بين الناس ويخلق البيئة والمناخ السرطاني له و يشرعن المال الخبيث ويطهره وهم وجهان لعملة واحدة  و ليس الغريب أن يصاب مسؤول ما في الدولة بالفساد لكن الغريب أن ينتشر الفساد بشكل عشوائي كما يحدث في العراق  الذي امسىى ضحية للفساد المستشري وساحة موبوئة به من قبل الفاسدين والمفسدين على حد سواء،المواطن هو الضحية الكبرى والذي يعاني من هذه المعضلة لحدوثها لأن الثقة المعطاة من قبله للطاقم السياسي المتمثل بالقوى السياسية هو في غير محله ، ولا يتوقع من القيمون عليه الخير وتكمن الخطورة في ان يركب المواطن بغير علم موجتها فاسدا كان أو مفسد ويأتيك في هذا الوقت العصيب و المفصلي الذي يمر به الوطن و المواطن من يعبث بأقداره و يشتري الذمم الرخيصة المعروضة للبيع مقابل حفنة من الدنانير او الدولارات او اي منفعة اخرى،او يشيع بين حين واخر اتهام المسؤولين البعض منهم للاخرين بالفساد نتيجة الخلافات الشخصية او بسبب الاختلاف حول نسبة الفائدة او الخلل في تقسيم الموارد المتفق عليها ويشبعها شحناً ،ومع الاسف اصبحت ثقافة عامة وسلوك للاطاحة بالبعض على حساب المجتمع وهي اساليب رخيصة  انتشرت حيث بدأت من الفضائح والاتهامات الكبيرة التي تنعكس على احزابهم وكتلهم  قبل غيرهم و تدفع عن المرشح للانتخابات الملايين من الدولارات من اجل الوصول الى قبة البرلمان و حين ارتقى تحول من فاسد الى مفسد بعد ان تاجر بالذمم ، وطمح الى الإرتقاء لرتبة الإتجار بالوطن و مواطنيه و مقدراته دون ان يحسب حساب بأن الوطن ليس لشخص او جهة بل هو للجميع ، و لمن يحبه و يفتديه ولمن لا يبيعه او يتاجر به.

أن المجتمعات المتحضرة هي التي تعتني بثقافتها وتنميتها وبأحترم القانون وتعتبره جزء من مفهومها وتعتبرعلاقتها جدلية بين مفاهيم السلوك العام ، والانضباط السلوكي ، والأخلاق العامة ، والالتزام الذاتي ، والخوف من القانون أو العقوبة ، والبعد التربوي للقانون الذي اصبح العراق يفقر اليه وهو في اشد الحاجة لان يعاد الاهتمام به في الدرس والعمل عليه من قبل الطبقات المثقفة والدراسات العليا .

ليس هناك من يسلم من ارتكاب أخطاء أو تصرفات سلوكية سلبية تتفاوت حدة رفضها هنا أو هناك، وهي في معظمها تدل وتعكس على وعي الشخص ونضجه والتزامه من عدمه ، وهناك الكثير من الشرائع الدينية و القوانين التي تعلم وتدعوا الناس بالسلوك المنضبط والخلق الطيبة وتحث عليه كما هو في الاسلام ديننا الحنيف والديانات الالهية الاخرى ، أو الذي يتمشى مع نظام المجتمع ، أو مؤسساته الاجتماعية ، ولكل مجتمع ثقافته وعاداته وتقاليده وأعرافه ، فقد ينتقل الشخص من مكان لآخر، أو من مجتمع أو دولة لأخرى ، ويكتشف أن المجتمع الجديد له ثقافته وعاداته ، وقوانينه ، وانصياعه لهذه العادات والقوانين تصبح عادة سلوكية اعتيادية في حياته ، ومن خلالها فقد يتعلم أشياءً جديدة.

المجتمعات المتحضرة تعتبر الانضباط في كافة مفردات سلوكياتها اليومية جزء من ثقافتها العامة ، ولأن الالتزام الذاتي بالقوانين المنظمة لحركة المجتمع قيمة أخلاقية في تلك المجتمعات و هي التي تعطي قيمة حقيقية للإنسان وقيمة من قيم بنيانها الذي لا يمكن التخلي عنه أو الانفكاك منه بل يعتبرون من يتبع القانون ولا يتجاوزه أو يكسره يؤدي واجبه ولا منة ولا فضل له عليهم ،

ويجب الثبات في عدم الإسراف و إلى عدم أذية الآخرين و القدرة على التعايش مع الأطراف الأخرى ، إلى التمثل بالقدوة الحسنة إلى التدين المتوازن و المعاملة الحسنة للمرأة والطفل ،إلى إحساس الرجال والنساء بدورهم في المجتمع ،إلى قدرة الفرد على تعليم وتربية الأبناء لانهم بناة المستقبل وهم الأمل و العون.

وصف المجتمعات المتحضرة عكس أوصاف المجتمعات المتخلفة حتى ان لم يأت ذكر تلك الأوصاف في المجتمعات المتحضرة والمتقدمة ، والمجتمعات التي تفهم القانون يعتبرون الخارج عنه بمثابة المجرم الذي قد يسيء للمجتمع بأكمله ويلوثه ، وذهب آخرون لاعتبار أن المجتمع المتحضر هو من يحترم أفراده الوقت وقيمته ولا يتهاونون في التعامل معه ولا في استخدامه بشكل مثالي لترتيب أمور حياتهم باعتباره معيار هام لتنظيم وتمهيد الطريق نحو السعادة المنشودة من خلال تحقيق الهدف المرسوم والمنشود . ومن هنا نود الاشارة الى ان المجتمعات الحية تؤمن بالنقد وتعتبره مطلب إنساني لمواجهة الانحرافات والأخطاء التي تتسلل إلى حياة الشعوب والأمم والأفراد.

السلوك المتحضر قيمة أخلاقية واجتماعية كبيرة ومهمة من قيم المجتمع. وغالباً ما يأتي السلوك كنتيجة طبيعية للفكر الناضج السليم وليس العكس، ومن ثم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور الوعي والمعرفة ، ولعل قمة حالات السلوك المتحضر، أن يكون الانسان هو نفسه هادفاً رئيسياً للاصلاح والتهذيب.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك