عبد الكاظم حسن الجابري ||
يوم بعد يوم تصعد الصين الى واجهة العالم, مزاحمةً الولايات المتحدة الامريكية في قطبية العالم, وفارضة نفسها بقوة على المشهد العالمي.
انتهجت الصين منهجا مغايرا عن منهج امريكا, فقد اعتمدت الصين على مبدأ التنمية الشاملة والعلاقات الودية مع الدول التي تكون صداقات معها, متخذةً طريق التحفيز الاقتصادي والعمراني سبيلا لهذه الصداقات, في حين تقف امريكا بالضد من هذا السلوك, حيث تستخدم –امريكا – منهج التهديد والحروب والتخريب اينما حلت.
اطلقت الصين مشروع احياء طريق الحرير الاقتصادي التاريخي, واسمته مشروع الحزام والطريق, والذي دخلت فعليا فيه اكثر من خمسين دولة, حيث يستهدف هذا المشروع خدمة كثافة سكانية تقرب من 60% من مجموع سكان العالم, اذ يعتمد هذا المشروع على استثمارات كبيرة وبمدد طويلة في مجالات البنية التحتية والتنمية للدول المشتركة في هذا المشروع.
يعد مشروع الحزام والطريق هو اكبر مشروع اقتصادي شهدته البشرية والمزمع الانتهاء منه عام 2049, في الذكرى المئوية الاولى لتأسيس جمهورية الصين الشعبية الحديثة, وبالتالي سيكون هذا المشروع تهديد لنفوذ امريكا على الساحة الدولية وخصوصا في منطقة الخليج وغرب اسيا التي تمثل المنطقة الاهم اقتصاديا في العالم.
توجت الصين قبل ايام سعيها ضمن مشروع الحزام والطريق جهودها في توقيع اتفاق تنموي شامل مع جمهورية ايران الاسلامية, بمبلغ استثماري يبلغ خمسمائة مليار دولار ولمدة خمسة وعشرون سنة.
يعد هذا الاتفاق هو الاهم ضمن مبادر الحزام والطريق, لما تمثله ايران من موقع جغرافي مهم, حيث سيطرتها على الخليج من خلال مضيق هرمز وحدودها المشتركة مع شرق اوربا (اذربيجان وارمينيا).
سيكون الاتفاق التاريخي الصيني الايراني نقطة تحول في صراع القوى في العالم عموما وفي الخليج خصوصا, حيث سيكون الخط الصيني الايراني الجديد هو المنافس الابرز لخطوط الدول الخليجية التي تعمل عليها من خلال التطبيع مع اسرائيل وسيفقد هذا الاتفاق امريكا كثيرا من نفوذها.
ما يميز هذا الاتفاق هو قوته, حيث لا تمتلك امريكا اذرعا قوية وتخريبية لإفشال هذا المشروع كما فعلته في العراق او سوريا مثلا, لذا نجد ان امريكا تترنح محاولة النفاذ لإفشال هذا الاتفاق, لكنها وبسبب سياسته المتغطرسة فقدت زمام المبادرة, لذا نرها تحاول العودة من خلال مبادرة احياء الاتفاق النووي والذي وقفت فيه ايران بقوة وتملأ شروطها حسبما تريد.
الحقيقة ان ما يحدث اليوم هو شهادة ميلاد لعالم جديد بعيد عن القطبية الامريكية الوحيدة في العالم, واننا اليوم نشهد عالم ما بعد امريكا, عالم مبني على اسس التعاون والتنمية والاستثمار, لا عالم الحروب والدمار, ولم يبقى في يد امريكا اي ورقة تعمل عليها غير حالة واحدة, هي اشعال حرب عالمية جديدة تعيد فيه نفسها واجهة عالمية, لكن عالم اليوم ليس كعالم الامس, ولن يكون من الاكيد ان امريكا ستنتصر في اي حرب عالمية جديدة.
10/4/2021
https://telegram.me/buratha