المقالات

هل تحتاج القوات العراقية للتدريب؟!

1499 2021-04-11

 

واثق الجابري ||

 

قصص ومواقف كثيرة لا يتيح الوقت ذكر معظمها، ومنها ما غابت عنها الكاميرات والتوثيق، لكنها بقيت محفورة في تاريخ العراق، كمواقف ستتحدث عنها أجيال، ويتناقلها من عاش الوقائع بألمها، مواقف بطولية وإنسانية تعجز الألسن والكلمات عن وصف معانيها.

سطرت القوات الأمنية بمختلف صنوفها بطولات، يمكن أن تكون دروساً للجيوش العالمية، ولصفحات التاريخ الإنسانية والأخلاقية، وصارت مضرب أمثال للشجاعة والبطولة والتفاني، ولم ينال أصحابها نتيجة مواقفهم تلك، شهادات أو شارات ونياشين حربية، ولم تحصل تلك المواقف عن تدريب أو دراسة وتعليم، بل تجلت مواقف من الفطرة والإنسانية وقمة الشعور بالوطنية.

 لا نجد وصفاً لضابط تبرع براتبه، للعوائل النازحة الهاربة من قبضة الإرهاب، ولا لذلك الذي إستشهد وهو يتقدم بين الرصاص لينقذ طفلا وأمه، أو تغيب عن بال أحد صورة من يسقي حيوانا فر رعاته، ولا أمهر من طيار شاب تجاوز الأربعة آلاف ساعة جوية في غضون أشهر، وهذا رقم لا يحققه طيارون بعد سنوات طويلة من الخدمة وخوض الحروب الكبيرة، وآخر يطير لاربعة عشر ساعة متواصلة، أو من  نفذ عتاد طائرته وقلب السيارة المفخخة بجنح الطائرة، أو ذلك الجندي الذي يحرس قصراً كبيراً في مناطق الاشتباك، ولا يعرف لمن يعود أو إن كان صاحبه إرهابياً أو مختلف معه دينياً أو عقائدياً، وحين تسألهذا الجندي عن حاله هو، تجد عائلته تسكن في بيت تجاوز من صفيح، بينما هو يحرس بيتا بأفخر الأثاث والتكيف، وفيه مقتنيات تكفي لشراء أكثر من منزل لهؤلاء المقاتلين.

تلك الصور لم تدرسها مدارس أكاديمية أو جامعات عسكرية، أو معنية بحقوق الإنسان، بل لم يخطط لها بشكل مباشر، ولا وضعت  أحكام صارمة على مقاتلين، لا يُخشى منهم مخالفة قيم تعلموها بفطرية، ومن نعجز عن وصفهم لم نسمع مثلهم في العالم، ولا يوجد قانون مثلاً يفرض على حديث الزواج، وفي شهر عسله، أن يقطع إجازته ويترك عروسه في ثالث يوم، ويلتحق بمجموعته بعد أن سمع  بأن هناك تعرضا  إرهابيا عليهم، كذلك الضابط الذي يتقدم جنوده ويحَشدهم بكلامات "الغيرة، الغيرة" العراقية.

إجتمعت بأولئك المقاتلين كل صفات النبل والشجاعة والتضحية، ومنهم من توجه عاري الصدر في مواجهة الرصاص، أو  عض على  قلبه ليقابل سيارة مفخخة ويصدمها بآليته، ليفجرها كي لا تصل الى هدفها، فهؤلاء ببالهم ماهو  اعظم من الدارسة والكتب التي تعلم فنون القتال، وتجاوزت شجاعتهم الأساليب  البشعة والغادرة التي يستخدمها الإرهاب، وفي بالهم وطن وقيمة إنسانية تغذى مع التربية، ووصلوا الى درجة الإيمان، بأن التضحية من أجل الوطن هو بناء لمستقبل الأجيال، بل ضحوا بدمائهم، لحماية الشعوب من الهجمات الإرهابية، التي كانت تحاول إجتاح العالم براياتها السوداء، لم يشاوروا مع بل أشير لهم على العدو فهبوا يتسابقون.

هل بالفعل هكذا قوات تحتاج الى تدريب؟ وهل يحتاجون الى إستشارة وخبرة دولية وأمريكية؟  وعقولهم تتجه حيثما تتحرك بوصلة الوطن، وطاقاتهم تتضاعف عندما يسمعون، ظلماً أو إرهاباً توغل.

إن القوات الأمريكية وقوات الناتو، بحاجة الى دراسة التجربة العراقية، وكيف هب الملايين بمختلف الأعمار والمستويات الإجتماعية والثقافية، فكان الشيخ الكبير يسابق الشاب والجندي يقف مع الضابط في خندق واحد، وكذلك المهندس والمعلم والفلاح والأمي، وذاك شاب لم يبلغ الحلم يتوسد التراب، وقصص كبيرة تتجلى فيها مواقف البطولة والتضحية، تصلح أن تكون مجلدات مناهج وتدرس في الأكاديميات العالمية.. وعلى الأمريكان وحلف الناتو طلب التدريب والإستشارة من  هذه النماذج، فقوات  وشعب بهذا الحال لا يحتاج تدريبا من أحد ولا مشاورة، وأن مصلحة أيّ وطن لا يقدرها إلاّ أبنائه، فكيف إذا كان في الوطن أبناء بهذا المستوى من المثالية والشجاعة والإستعداد للتضحية؟

أكيد أن مثل هؤلاء لا يقبلون ببقاء قوات أجنبية على أرضهم، وهم من شعب معروف عنه برفض الأجنبي، فكيف إذا كانت مقدمات هذا التواجد بأسم الإحتلال!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك