محمد هاشم الحجامي ||
العمل التغييري كالجسد بحاجة إلى تعدد أدوار ووحدة هدف فهو كالمؤسسات الحكومية فالصحة غير التربية والتعليم العالي غير الزراعة وإن كانت بأجمعها تمثل الدولة في نجاحاتها أو اخفاقاتها بمعنى آخر يُقسّم العمل إلى خطوط متعددة تربطها مهمة واحدة ، وبما أنّ الوضع العراقي معقدٌ بجوانبه المختلفة ؛ فهو وريث أعتى دكتاتور عرفته البشرية على طول تأريخنا الذي أحرق الأخضر واليابس وترك شعبا فقيراً من كل شيء من المؤسسات إلى الوعي والثقافة إلى أبسط سبل الأشياء !!! ، ناهيك عن طريقة سقوطه التي كانت باحتلال امريكي وهذا المحتل لم يُسْقط صدام لسواد عيون العراقيين ؛ إنما لغايات خاصة به ، وتعدد الطوائف والقوميات والمشارب والصراع الدولي والإقليمي وما لا يحصى من مشاكل وتداخلات ؛ لذا اقتضى العمل لكي يكون ناجحاً أن يكون بمحاور متعددة يجمعها برنامج متكامل وتسير بخطوط متوازية لمقصد واحد : أهمها ثلاثة اتجاهات ، السياسي ، والفكري ، والعسكري ؛ وبما أنها متداخلة كثيرا لذا يجب أن تتحرك متوازية وبتنسيق مطلق بكل صغيرة وكبيرة مع عزل تام لمن يمارس أيا منهما عن الآخرين فمن يتصدى للعمل السياسي يعزل عمن يمارس العسكري أو التثقيفي _ أعني الأفراد دون البرامج _ ؛ اي لكل منها رجاله لا يتطفلون على جناح غيرهم ولا يستثمرون نصرا هنا أو تقدما هناك وإن كل ما حققوه من مكاسب ونجاحات هي للمشروع المتكامل متعدد الوجوه ؛ فتكون ثمرة العمل لذلك الهدف دون استثمار رجال العسكر نجاحاتهم في الجانب السياسي وتصديهم له مستغلين نجوميتهم التي حصلوا عليها من انتصارات المعارك إنما يبقون على السواتر ، وأهل السياسية في الحكومة ومتعلقاتها لا يتطفلون على غيرهم فيسيطروا على المشهد الفكري أو غيره وأهل الخط الفكري والثقافي في مساجدهم أو يمسكون أقلامهم أو منابرهم الإعلامية ومنتدياتهم وهكذا .
الذي حصل في العراق تطفّل السياسي فلبس الزي العسكري وهو ليس بمقاسه وقفز العسكري إلى حلبة السياسة وهو بلا قفاز ولا خبرة فسقط بالضربة القاضية !! ونظّر العسكري للعمل الفكري وهو لا يجيد إلّا إعطاء الأوامر ولا يصلح للجدل وسماع رأي الخصم ؛ فكانت الخسارة كبيرة والتراجع هائل ، والعدو يتقدم فهو يقاتل رجالا يقفون في غير أماكنهم ويلبسون ثياب العمل في غرف نومهم !!! .
إعادة التخصص والاذرع المتعددة برأس واحد كفيل بخلق عمل يحقق نصرا لا تصمد أمامه أعتى المؤامرات وأقسى الظروف .
هذه الطريقة في العمل مارسها اصحاب الأئمة فزرارة بن أعين فقيه يندر أن يُنقل عنه غير الفقه وهشام بن الحكم من أهل الكلام نذر نفسه للجدل مع أصحاب الفرق الأخرى وروايات الخمس غالبها عن علي بن مهزيار وهكذا لكل اختصاصه الذي أجاده وفهم أسراره .
https://telegram.me/buratha