المقالات

الصورة العراقية بالمقلوب


 

أسعد عبد الله عبد علي ||

 

في احد الاحتفالات الوطنية الكبرى كان الحضور بهياً, مما اثار تعجبي! فهل يعقل ان الجمهور اصبح برتبة متقدمة من الوعي, كي يندفع هكذا للمشاركة, سألت احد الحاضرين عن سبب هذا الحضور الجماهيري الكبير وكان رجلا بالخمسين من العمر فقال: "سيوزعون دجاجتين لكل شخص", لحظتها تكشفت لي بشاعة الموقف, هنا الجوع هو السبب في هذا الشعور الوطني, ولولا الجوع والحاجة لما تقدم هذا المواطن واخرين خطوة باتجاه الاحتفال الوطني.

الواقع مهما يبهجك ظاهره, لكن ستشعر بالخيبة ما ان تكتشف بواطنه, فالواقع السياسي فاسد وداعر, والمجتمع غارق في الفوضى والانحرافات.

ذكرني الاحتفال الوطني بلقطة من المسلسل المصري (بدون ذكر اسماء), حيث مشهد يتحدث عن رفض احد الممثلين تمثيل دور مسلم, واصراره الشديد على تمثيل دور الكافر, مدعيا انه يملك مؤهلات كبيرة تناسب الدور, وكان يلح وبشدة, مع ان المخرج قال له ان هيئته الضعيفة تناسب دور مسلم! لان دور الكافر يحتاج لشخص سمين, وبقي يلح الى ان وافق المخرج, وعندها اتضح سبب الاصرار وذلك لان الكافر في المشهد يأكل ما لذ وطاب من اللحم, حيث اصبح الجوع هو الذي يحدد مكان الممثل من الدراما.

حتى في الرياضة دخل غول الفساد ليقتلع القيم والاعراف السائدة, ليحولها الى ساحة للنهب.

احد رؤساء الاندية في لقاء تلفازي يتحدث اني رئيس نادي "متطوع" من دون استلام اي فلس! وهو بالعمل التطوعي منذ 12 عام! بل الادهى انه يقول بعت سيارتي في سبيل تسديد مصاريف ومديونية النادي, ولا اعلم هل سعر سيارة يكفي لانقاذ نادي من الفضيحة! لكن عندما تدقق الصورة تجدها بالمقلوب, لقد كان اول من حارب قانون منع ازدواج المناصب, وتجده يجمع اكثر من منصب, ومتمسك بالكرسي وبقوة, مع الاشارة لوجود تمويل حكومي كبير سنوي للنادي, نعم هو فشل في تحقيق اي انجاز للنادي, لكن يرفض التنازل عن كرسي حكم النادي, فانظر لبشاعة الواقع.

عندما نبحث خلف اي موقف سياسي او اجتماعي نجد واقع بائس, وهذا يعني مصيبة حقيقية نعيشها على هذه الارض.

فما الصراع السياسي على الموازنة العامة للدولة والاقتتال المستميت حول ابواب الصرف, ذلك الصراع المعلن لاسباب الخوف على مصالح الوطن, ومحاربة الفساد, والحفاظ على المال العام, لكن بعد اقرارها تكشفت حقيقة الصراعات السياسية, حيث اتضح ان همهم كان المكاسب من توفير التخصيصات, وتوزيع المال بين الحيتان الكبيرة, فان رضا جميع الساسة بالموازنة يعني انهم كلهم سيأكلون من خزينة الدولة ولن يشبعوا ابدا.

عندما تجد كثرة المنابر السياسية, وحالة التعددية الحزبية, وتنوع الصحف المحلية, والنظام الديمقراطي القائم ستشعر بالفرح والسرور, فالحلم تحقق على هذه الارض.

لكن عندما تنظر لباطن القضية ستجد حفنة من اللصوص وعديمي الضمير وهم يتحكمون بقرار الوطن, وتحول الاحزاب لدكاكين لنهب البلد, والقنوات والصحف والاذاعات الاعلامية اصبحت الة بيد السلطة لنشر الجهل والانحراف والجريمة, وعاد الخوف والقلق لينتشر في الارض خوفا من غضب الاله المصطنعة, واقعنا عبارة عن فلم زومبي لا ينتهي.

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك