حاقظ آل بشارة ||
بعض القوى والاحزاب والشخصيات السياسية التي مازالت تسيطر عليها أوهام الزعامة بدأت تعيش اجواء الدعاية الانتخابية من الآن ، هم يعلمون ان نسبة تأثير الصناديق في الواقع السياسي محدودة وهناك عوامل اخرى هي التي ترسم الخرائط ، اذا كان صوت المواطن مهما فعلا فلماذا لا يهتمون بمطالبه ؟
مازالت الانتخابات المحتملة تجبر الطبقة السياسية على اعادة نثر الشعارات كالحلوى في كل مكان ، يتوقعون ان الانتخابات ستجري في موعدها تشرين الاول ، قراءة بسيطة لاداء النواب والحكومة والقوى السياسية القديمة والجديدة تؤكد انهم لم يقدموا شيئا ، جاءوا الى هذه الكراسي كي لا يقدموا شيئا ، وهم لا يملكون شيئا جديدا ليلوحوا به للناخب مجددا ، بل هناك تقزم فضيع في حجوم أغلب القوى ومنظرها وسمعتها ، فبعد ان تراكمت مظاهر الفشل والفساد وغياب الجاذبية دخلت على الخط انتكاسة جديدة تتحدى المصداقية فجعلت الجميع يترنح فاقدا صوابه ، هذه الانتكاسة تتمثل بنجاح الحكومة في تنفيذ كل خططها التي ارادتها ، دليل على ان هذا البلد بلا برلمان يراقب ويحاسب ، هنا البرلمان يعترض فلا يؤثر ، والنائب يهدد باحراق نفسه فلا يؤثر ، ومن يجمع التواقيع لتغيير كلمات معدودات من خطط الحكومة لا يؤثر ، وبيانات الاستنكار الحزبية ضد الحكومة لا تؤثر ، هذا يعني ان الذين يمثلون الضحايا لا يؤثرون ، وعندما يشاهد المواطن ان الحكومة نفذت كل ما تريد بلا عوائق سيسأل ماهي قيمة البرلمان ؟ تم رفع سعر صرف الدولار ، واتضح ان بعضا من الذين كانوا في خطاباتهم رافضين كانوا في الاجتماعات موافقين ! (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) وهكذا نفذت الخطط بسلاسة وبدأت الحكومة الآن تلوح بفرض الضرائب على الرواتب التي حطمها الدولار ، المواطن المستهدف سقطت كل سواتره الدفاعية ، فلماذا ينتخب مجددا ؟ ماذا ستقول الدعاية الانتخابية المقبلة ؟ كان المواطن يتصور انه ينتخب سلطة تدافع عنه وتنفذ وعودها ، والآن اكتشف ان تلك السلطة لا وجود لها فلماذا ينتخب مرة اخرى ، هناك صوت عقلائي يقول للشعب في كل انتخابات : (اياكم والعزوف لأنه سيمكن الفاسدين ويبعد النزهاء والكفوئين) فيقول الشعب : صحيح ، ولكن حين تظهر النتائج لا يرى بين القوم نزهاء ولا اكفاء .
سيعترض عمال البناء وسواق التكسي والكسبة والبقالون لأن موجة الفقر تستهدفهم ومخصصة لهم ، واذا كانت شكاواهم اليوم همسا فغدا ستكون صراخا ، وبعد غد ستكون هياجا جماهيريا متلاطما يحرق الاخضر واليابس ، فهم يعلمون انهم ابناء بلد عوائده الشهرية من النفط تساوي موازنة سنوية لبلد متوسط الحجم ، لكن الفقر يسحقهم على مرأى ومسمع الزعامات .
الفقر والتجويع امر عادي ومتوقع ، واجراء الانتخابات بالاسلوب القديم نفسه امر عادي ومتوقع ، وبقاء الاحتلال امر عادي ومتوقع ، ولكن الامر غير العادي وغير المتوقع ان يحصل احد الفاشلين الفاسدين السابقين على عشرات الآلاف من الاصوات في الانتخابات المحتملة ليكون نائبا من جديد ، هذه انتكاسة اخرى تدل على ان الانتخابات لعبة نتائجها محددة مسبقا ، وستمر نتائجها المتشابهة للمرة الالف كما مرت قضية سعر الدولار ، فهل يعني ذلك ان لدينا برلمانا بالفعل ؟
https://telegram.me/buratha