حسين فلسطين ||
غالباً ما نلحظ كثافة الاتهامات التي يتحدث بها سياسيون عراقيين الخاصة بالفساد فبشكلاٍ متكرر يتحدث نواب في البرلمان العراقي عن وجود حيتان للفساد تسببت بهدر كبير لأموال الدولة ، وعلى الرغم من تأكيد بعضهم وجود أدلة دامغة على حالات وصفقات فساد عن طريق تقديم عدة ملفات انتهت بأستجواب هؤلاء المسؤولين ، إلا أنه غالبا ما تتجنب الجهات المعنية اتخاذ الإجراءات الصريحة للمتورطين لأسباب سياسية وطائفية تفسح لتدخلات دول إقليمية وحتى الدول الكبرى ، ولعل تهريب القوات الأمريكية المحتلة لصاحب أولى صفقات الفساد واكبرها على مستوى العراق والمنطقة وزير الكهرباء الأسبق ( ايهم السامرائي ) اكثر الأدلة وضوحاً على أن الفساد في العراق محمي سياسياً ودولياً !
وعندما نقول أن الفساد يتمتع بحماية سياسية فالأمر ليس من باب الاتهام وهذا لا يشمل بكل تأكيد جميع من هم في العملية السياسية فهنالك من تقدم لمسائلة الفاسدين واثبات تهم الفساد والسرقة عليهم ، الاّ أن التسويف والمماطلة و عرقلة تنفيذ الإجراءات القانونية يجعل من (محاربة الفساد) شعاراً خاوياً وليس ذو قيمة !
ومروراً بالحدث الاهم وهو اعتقال السياسي البارز زعيم حزب الحل السني ( جمال الكربولي ) على خلفية ملفات فساد في وزارات الصناعة والكهرباء ، يرى البعض ان رائحة السياسة تطغى على موضوع الاعتقال ، فالمتهم قدمت ملفاته في أوقات سابقة من قبل اعضاء في مجلس النواب العراقي وحتى الحكومة العراقية ، ففي العام ٢٠١٣ كانت هنالك (٢٧٦) قضية فساد على وزارة الصناعة والمعادن ، أحيلت إلى لجنة النزاهة حيث تختلف هذه القضايا بين المالي والاداري وخروقات بتعيين مدراء عامين"
إذ تقدم رئيس الوزراء الأسبق (نوري المالكي) بملفات إلى هيئة النزاهة شملت وزير الصناعة (أحمد الكربولي) والذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال روج لها الإعلام "السني" آنذاك بأنها مذكرات اعتقال سياسية صدرت لأسباب طائفية كون المتهم هو شقيق رئيس حزب الحل ومن عائلة الكرابلة ذات النفوذ المالي والسياسي الكبيرين .
وهنا نذكر بحملة الدفاع التي حظي بها "الكرابلة" من قبل شخصيات وأحزاب سنية هاجمت بشراسة موقف الحكومة آنذاك ، و هي ذات الشخصيات والأحزاب التي نراها اليوم منقسمة بين مؤيد لقرار الاعتقال وبين من كان سبباً في تحريك هذه الملفات بسبب الانشقاق السياسي الأخير عن ما يسمى ب"الباص البرتقالي" حسب ما تم الترويج له من تقارير تؤكد أن الخلاف بين قطبي التحالف وصلّ مراحل كسر العظم نتيجة الصراع الانتخابي المحتدّم الذي فجر بركان الخلاف على مقرات واموال اضافة الى تقسيم الدوائر الانتخابية ، لذلك فإن اعتقال المتهم (جمال الكربولي) عقاب سياسي قاسي قد ينهي زعامة هذه العائلة لجزء من المشهد السياسي السني يقول مقربون أنه جاء بفعل تحرك كبير قام به سياسيين يريدون تصدر المشهد السياسي السني !
الإشارة لتوقيت الاعتقال والغوص في حيثيات القرار وأسبابه لا يعني تبرئة ( الكربولي ) بقدر ما هو بحث في مدى فائدة هكذا قرارات تصدر بتوقيتات وازمنة يراها المراقبون بأنها صراع حزبي في المحافظات السنية التي تطفح بكثير من القيادات الفاسدة والمتهمة بالإرهاب ، وأن قادم الأيام ستشهد صراعات آخرى قد تتفجر بأي لحظة .
وهنا يتبادر لأذهان العقلاء بعض الأسئلة المنطقية وهي:
هل ستتم محاسبة من اتهم القضاء والحكومة ولجنة النزاهة وديوان الرقابة المالية بالفساد وممارستها لضغوط سياسية ؟
وهل سيتم فتح جميع الملفات ال(٢٧٦) التي سبق وأن قدمها المالكي قبل ثمان سنوات؟
كما لا يمكن إهمال السؤال الأهم وهو مدى خضوع هذه الملفات للتأثير السياسي وحسمها ضمن إطار البيت "السني" ؟
https://telegram.me/buratha