إعـداد : محمد الجاسم
" تَعَلَّموا العربيَّةَ.. وعَلِّمُوها النـاسَ" ـ حديثٌ شريف
تزخرُ لغتُنا العربيةُ المعاصرة بكمٍّ هائلٍ من كلماتٍ دخيلةٍ أو مغلوطةٍ أو محـرَّفةٍ . وبمرورِ الزمنِ والتداولِ اليوميِّ على الألسنِ وفي الكتب الرسمية والمخاطبات العامة ووسائل الإعلام والصِّحافة والرسائل الجامعية ومنجزات المبدعين الأدبية ويافطات أسماء الدوائر والمحالّ التجارية وعيادات الأطباء وغيرها، قد تسللت إلى لغتنا خلسة، حتى أصبحت من فرط تناقلها واستخدامها شائعةً ومقبولةً لدى القارئ والسامع ، ورسخت في الأذهان وانطلت على المتداولين إلا لذوي التخصص، فأمست المقاصدُ ضائعة ، في خضمِّ الأغلاطِ الشائعة.
لذلك أعددت لكم أحبتي ـ لمناسبة شهر رمضان المبارك من العام 1442ـ ثلاثين حلقة جديدة من سلسلة تصويباتٍ منتخبة، امتداداً لحلقات رمضان العام 1441، واستكمالاً لعمودي اللغوي الذي واظبت على تحريره زمناً في صحيفة (المصور العربي) التي أصدرَتْها جمعيةُ المصورين العراقيين في بغداد أواسطَ ونهايةَ التسعينات من القرن العشرين تحت عنوان (إضاءةٌ في التراث).
(45)
الانتخاباتُ (المُبَكِّرَة)..و..(المُبْكِرَة) !
قال أبو تمّام :
" أُبْكُرْ فَقَدْ بَكَرتْ عليْكَ بِمَدْحِهِ ... غُرَرُ القصائدِ خيرُ أمرٍ باكرهُ "
وقال السريُّ الرفّاء :
" فابْكُرْ أبا بَكْرٍ فقد بَكَرَ الهَوَى ... طَلْقاً لَدَيَّ وكانَ جَهْماً بَاسِلا "
وفي البيتين أعلاه يكون الفعلُ الماضي رباعياً مزيداً ( أبْكَرَ ) من الثلاثي المجرد (بَكَرَ)،المشتق من الإبكار وهو الإصباح. قال تعالى :
" وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ"55 غافر.
و(البُكرة) هي الطرف الأول من النهار، لذا فإن اسم الفاعل من (أَبْكَرَ) يكون (مُبْكِر) ، وهي انتخاباتٌ ( مُبْكِرَةٌ ) وليس ( مُبَكِّرَةٌ ).
ـ أفعالٌ.. و.. فَعْلاءُ
اطلعت على بيان لثلة من أعضاء نقابة المهندسين ، وردت فيه عبارة : " نحن الموقعين أدناه ، أعضاءُ في نقابة المهندسين "، وكانت ( أعضاءُ ) غيرَ مُنَوَّنَةٍ لظنهم أنها ممنوعة من الصرف.. وهذا غلط واضح.
كل ما ورد في العربية على وزن (أفعال) ، فهو جمع، ولذلك لا يُمْنَعُ من الصرف، لأن همزته أصلية مثل : ( جُزْءٌ ـ أجْزَاءٌ ) أو منقلبة عن أصل مثل ( عُضْوٌ ـ أعْضَاءٌ )، ـ ومثال هذه الكلمات : آباءٌ ـ أخطاءٌ ـ أصداءٌ .
وهذه الكلمات كلها ليست ممنوعةً من الصرف، لأنها على وزن ( أفعال ) وليست على وزن ( فعلاء) ، لذا لا داعي للَّبس و الاشتباه لدى الذين يظنون أنها تنتهي بألف تأنيث ممدودة زائدة ، والصواب انها كلماتٌ تنتهي بهمزة أصلية. إلّا كلمة (أشياءُ) ، فهي ممنوعة من الصرف لأنها ملحقة بالمنتهي بألف التأنيث الممدودة. قال تعالى :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ " المائدة 101.
ورُبَّ قول ..أنفذُ مِنْ صَوْل..
https://telegram.me/buratha