المقالات

قوة الدولة بتوزيع صلاحيات حكومتها

1579 2021-05-04

 

واثق الجابري ||

 

وجهت الإتهامات بشكل مباشر، الى الحكومة الإتحادية في حادثة مستشفى  أبن الخطيب، وفي إنقطاع كهرباء المدائن، وفي حال سقوط بناية مدرسية في سوق الشيوخ أو تفجير في هيت..

 لا تتوقف الإتهامات عند الحكومة، بل تتعداها الى البرلمان والحكومات المحلية والمسؤول المباشر، ومنهم من يتهم كوردستان بسبب مشاكله مع المركز، أو كتل سياسية عملت أو أفسدت  في محافظة ما، وأحياناً يتهم المواطن لمخالفته القانون، أو الشعب برمته لجهله بالقوانين أو من يقول بأن من واجبه الإلتزام بها، وأخر يذكر أن واجب الحكومة بتعليمه أو إلزامه.

 لو ضربنا مثلا بمستشفى الكندي في وسط بغداد، فالمنطقة إداريا تابعة لأمانة العاصمة، وكذلك إدارياً لمحافظة بغداد وفنياً لوزارة الصحة، وعند حاجة المستشفى لشارع معبد لمرور سيارات الإسعاف، فلابد أن تخاطب إدارة المستشفى المحافظة، التي بدورها تخاطب الأمانة، وهكذا الماء والمجاري والكهرباء والحدائق.. لكن كل جهة تتخلى عن مسؤوليتها مع حصول مشكلة..

ناهيك عن السياقات البيروقراطية التي تستغرق شهوراً، والكتب التي تركن في بريد المسؤول وتمر عليه مرور الكرام، مع تقاطع العمل في ظل التنافسات السياسية والإدارية، يضاف لها الفساد والإبتزاز والمصالح الحزبية والإنتخابية والإعلامية..

 خلط هذا الواقع أصل القضايا ومعالجاتها، وأبعد تشخيص المسؤول والمقصر عن الواجهة، وصارت الإنتقادات مزاجية، نابعة من ردود فعل وأهواء متأثرة إعلامياً وسياسياً، والنتيجة أضعاف الدولة سواء كان التقصير محليا أو إتحاديا..

رغم ابضجة التي أثيرت حول مجالس المحافظات، وأن أعدادهم تؤدي الى ترهل وظيفي، فيمكن تقليل أعضاءه للنصف، أو ممثل عن كل قضاء وناحية، لأن لهم أدوارا دستورية أخرى، بإنتخاب وإقالة المحافظ، ونقل صورة عن إحتياجات مناطقهم.

إن إستحداث بعض المؤسسات في الدولة، غرضه تسهيل الإجراءات، ولكن سوء إستخدامها وسوء تفسير قوانينها جعلها بيروقراطية زائدة، وحلقات عرقلة ومنافس بالفساد، وما يُقال أن مجالس المحافظات هو سبب هدر المال أو عرقلة السلطات الإتحادية، غير صحيح في حال التطبيق الفعلي للدستور، في حكم فدرالي إتحادي، كون السلطات المحلية قريبة من الشعب سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً وثقافياً وأمنياً، وبذلك تتحمل المحافظات مسؤولية الخلل في أماكن يصعب للحكومة الإتحادية وصولها، ولكن شل الصلاحيات وربطها بالمركز والوزارات، لا يسمح للمحافظات بالتحرك، ولا حتى المسؤول المباشر لديه كل الصلاحيات المتعلقة بواجباته، وهذا ما أدى الى إضعاف حكومة المركز نفسها بنفسها، كمن يكون قريب من مسؤول أو المسؤول نفسه، الذي يحصر كل الصلاحيات به، ويؤدي الى الإرباك وتزاحم الأولويات، وعدم التركيز في الأداء.

لن يعرف أحد أين تقع مسؤولية التقصير، في حال حدوث أية مشكلة، في ظل عمل الحكومات الإتحادية المتعاقبة على تقليص العمل المحلي، وحصر الصلاحيات مركزياً، بذريعة عدم السيطرة على الأموال والفساد، ولكن الواقع فساد أيضاً قد يكون أشد ضراوة من المحلي، والرؤية الحكومية بأنها الوحيدة الحريصة على إنجاح عمل الدولة، ما جعلها تعمل في دائرة محدودة تحيطها، معتمدة على تقارير مكتوبة، أدى الى ضعف الخدمات في قطاعات واسعة، وبالتالي فأن الإعتقاد أن قوة الدولة تأتي  من تقليص الصلاحيات، غيب عن مناطق واسعة وصول قبس نور الحكومة، والنتيجة إنعكس التقصير في تلك الأطراف المترامية على الحكومة الإتحادية، التي إعتقد بنفسها كل شيء، ولكنها أضاعت أشياء كان يمكن أن توزع صلاحياته على آخرين، مع وجود لجان رقابية مشددة، يمكنها تحميل تلك الأطراف مسؤولية تقصيرها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك