بهاء الخزعلي ||
سرب موقع أمواج الذي يتخذ من لندن مقر له والمختص بدراسات منطقة الخليج من الجانبين الإيراني والعربي،بأن الحوار السعودي الأيراني في العراق يوم ٩ أبريل لم يكن الأول، بل سبقه عدت حوارات كانت بدايتها بين إيران والإمارات،ثم أنضمت للحوار مصر ثم الأردن وصولا للسعودية،وشملت هذه الحوارات عدت محاور في المنطقة،ولذلك شهدنا في الاونة الأخيرة تغير في خطاب المملكة السعودية تجاه إيران،ولكي نفهم ذلك التغير في الخطاب يجب أن نفهم حجم التغيرات العالمية التي أدت الى ذلك،وأهم تلك التغيرات هو الرغبة الأميركية بالأنسحاب من الشرق الأوسط،ولماذا تريد الولايات المتحدة الأمريكية الانسحاب من الشرق الأوسط،وذلك لعدت أسباب منها......
*رؤية بعض الساسة في الولايات المتحدة بضرورة الانسحاب من الشرق الأوسط بسبب التكلفة العالية التي تكبدتها الولايات المتحدة في حروبها في المنطقة منذ أحداث 11 سبتمبر الى يومنا هذا والتي قدرها معهد واتسون للدراسات الدولية بحوالي 6،4 ترليون دولار تكلفة مالية و7000 قتيل و 54000 جريح من الجانب البشري.
*تقارير جهاز المخابرات الأميركي (CIA) بوضع الصين وروسيا على قائمة الأولويات للولايات المتحدة الأميركية بأعتبار كلا القطبين يعتبر الخطر الأكبر على الأمن القومي للولايات المتحدة.
*تحول الرغبة الأميركية بالخروج من الشرق الأوسط من مرحلة التخطيط الى مرحلة التنفيذ حيث جميع الرؤساء السابقين للولايات المتحدة صرحوا بالخروج لكن لم ينفذوا ذلك لكن بايدن أصدر أمر بالأنسحاب من أفغانستان بداية من مايو الحالي والى غاية سبتمبر المقبل.
*كذلك ذكرت صحيفة وول ستريت بتاريخ 2/4/2021 بأن بايدن وجه بخفض القوات الجوية الأميركية المتواجدة في الخليج لعدتها وعديدها في وسحب بطارية من نوع باتريوت من القاعدة الجوية الأميركية في السعودية وكذلك عدد من أنظمة الرصد والأستطلاع والتجسس من منطقة الخليج وتوجهها الى منطقة أسيا.
ويفرض ذلك التغير على الولايات المتحدة التعامل مع الاضطرابات في المنطقة لتؤمن مصالحها فيها وبحسب تقرير ال (Annual Threat Assessment) للمخابرات الأميركية،أن الخطر الحقيقي في المنطقة على المصالح الأميركية هو إيران،وهذا التقرير المكون من 27 صفحة ذكر بأن الخطر الأول على الولايات المتحدة عالميا هو الصين وروسيا وفي منطقة الشرق الأوسط ذكر إيران أكثر من 60 مرة وثم ذكر كوريا الشمالية،أما كيف تتعامل الولايات المتحدة مع الخطر الأيراني فذلك عبر أربعة خطوات وهي....
*خيار الضغوط الأقتصادية:وعمل بها منذ عام 1979 ولم تنجح.
*خيار الضغوط الدبلوماسية:وهذا الخيار أيضا عمل به ولم ينجح.
*الخيار العسكري:يستبعد ذلك الخيار لأن الولايات المتحدة الأمريكية هدفها الإنسحاب من المنطقة وليس التورط بها أكثر من قبل.
*خيار المفاوضات: وهذا الخيار هو الحل المطروح الآن في فيينا للعودة الى الأتفاق النووي ثم توسيع الأتفاق ليعطي تطمينات أكثر لحلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة كالكيان الصهيوني ودول الخليج وأن لم تنجح الولايات المتحدة في توسيع ذلك الأتفاق قد تنسحب مع قبولها بالأمر الواقع للحفاظ على مصالحها في المنطقة.
●ماذا سينتج عن ذلك الأتفاق؟؟؟
ببساطة سينتج عن ذلك الأتفاق عودة إيران لمكانتها الطبيعية مع إزدياد قوتها كدولة أقليمية مؤثرة على المنطقة وذلك ما يخشاه حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية كالكيان الصهيوني ودول الخليج ويعود قلق دول الخليج من هذا الإنسحاب لسببين هما.....
*لم تستطع دول الخليج من عقد تحالفات خارجية تغنيها عن الحماية الأميركية طيلة الفترة السابقة.
*دول الخليج لم تنجح طوال السنين الماضية بتطوير قوة ذاتية للدفاع عن أمنها في حال ذهبت الأمور للمواجهة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
●اما بالنسبة للكيان الصهيوني بالرغم من أن الكيان يمتلك قوة عسكرية متطورة،الا أن الكيان لا يستطيع مواجهة إيران لوحده،وذلك ما ذكره يائير كولان الذي كان نائب رئيس الأركان للجيش الإسرائيلي،في محاضرة لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى،وأوعز بذلك لعدت أسباب أهمها....
*أمكانيات الجمهورية الإسلامية الإيرانية من حيث التطوير التكنولوجي.
*تعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية حضارة تأريخية كبرى وذلك دافع لهم للحفاظ على تأريخهم والدفاع عنه.
*تمتلك إيران علماء جيدين وخبراء على أعلى مستوى من الأمكانيات في المجالات العسكرية والسبرانية والنووية.
*تمتلك إيران أساتذة جامعيين وأكادميين يرسخون أمكانياتهم للنهوض بحضارتهم وحققوا تفوق ملحوظ رغم الحصار الطويل عليهم.
*تمتلك إيران عدد كبير من الشباب الموهوب الذكي الذي يسعى لتطوير بلاده من خلال الأبحاث والدراسات والعلوم التكنلوجية.
وأضاف يائير "كل هذه الأسباب تجعل من إيران دولة قوية ولاعب إقليمي كبير يمثل تحديا وخطر علينا وليس بأمكاننا مواجهتهم لوحدنا".
وبذلك نستقرء سبب التحولات الإقليمية وطريقة تفكير دول الخليج من جهة للمرحلة اللاحقة والكيان الصهيوني من جهة أخرى.
●دول الخليج ترى أن الذهاب للمفاوضات مع إيران ضروري لأسباب منها...
*يقين دول الخليج بعدم قدرتها بمواجهة إيران عسكريا وفشلها بالمواجهة مع إيران بالحرب بالوكالة التي شنتها دول الخليج على محور المقاومة وحققت نتائج عكسية بسبب أدارة إيران لتلك الحروب ببراعة.
*أن دول الخليج وعلى رأسها السعودية تسعى لحفظ أمنها في حال أنسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة وإيران بحاجة لأنعاش أقتصادها الذي أستهلك بسبب العقوبات الأقتصادية لذلك صرح بن سلمان أنه يتمنى لأيران أزدهار أقتصادي.
*كذلك تأخير السعودية بأعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني والذهاب بأتجاه عقد أتفاقيات ثنائية مع إيران.
●وتتوقف عملية نجاح تلك المفاوضات على عاملين رئيسيين وهما....
*أمكانية المفاوض من كلا الطرفين بتجاوز بعض الأشكالات للقضايا الإقليمية وعلى رأسها الملف اليمني مرورا بلبنان وسوريا والعراق.
*دور وموقف القوى الإقليمية والعالمية من تلك المفاوضات ومحاولة دعمها أو أفشالها وخصوصا الكيان الصهيوني الذي يعتبر المستفيد الأكبر من حالة العداء بين الدول العربية وإيران.
●أما الكيان الصهيوني فأتخذ عدت أجرائات لعرقلة ذلك الأنسحاب وكذلك لضمان عدم مواجهة إيران لوحده ومن تلك الاجرائات ما يلي....
*محاولة جر الولايات المتحدة لحرب ضد إيران.
*أفشال مفاوضات فيينا بمحاولة تدمير منشأة (نطنز) النووية فأذا ما نجح الكيان بتنفيذ تلك العملية فلا معنى لجلوس المفاوض الأميركي لطاولة الحوار مع المفاوض الإيراني.
*عقد أتفاقيات مع دول عربية وخليجية لضمان عدم مواجهة إيران لوحدها في حال أنسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من المنطقة.
●أما بالنسبة للقوى العظمى الأخرى.
*الولايات المتحدة هدفها الأنسحاب والأطمئنان على مصالحها لذلك ذهبت بأتجاه المفاوضات.
*الصين ترى أن نجاح إيران بالخروج من الأزمة الأقتصادية أو بقائها لا يؤثر على مشروع الحزام والطريق بل بالعكس قد يفيدها أكثر بغض النظر عن تأثير الأزمة الأقتصادية التي دفعت إيران لتوقيع الإتفاق الإستراتيجي معها.
*أما روسيا رغم مباركتها للأتفاق النووي فترى بأن نجاح إيران بالأتفاق مع دول الخليج والأتفاق مع الولايات المتحدة يجعل من إيران في حالة أنفتاح وذلك سيؤدي لزيادة تدفق النفط الإيراني الى الأسواق وزيادة العرض يقلل من سعر البترول الذي يمثل مسألة أمن قومي للروس وقد يضرهم ذلك بشكل كبير.
● الخلاصة: في حال نجحت إيران بعقد أتفاقيات مع دول الخليج،وكذلك نجاحها في فيينا برفع العقوبات كافة والوصول لأتفاق في الملف النووي،ومع الموقف الروسي بضمان عدم التعرض من قبل الكيان للناقلات الأيرانية في الموانئ السورية،وإمكانية الجمهورية الإسلامية الإيرانية العسكرية والسبرانية التي فاجئة بها الكيان الصهيوني قبل أسابيع،ورسائل فاتح 110 لديمونه،كل هذا قد يشكل حصار وتحييد للكيان الصهيوني،وفرض واقع جديد بأن لا أحد سيحمي إسرائيل في حالة المواجهة العسكرية مع إيران،وبذلك التحييد ومع التطور الملحوظ بأمكانيات محور المقاومة يمكننا أن نقول أصبحت (القدس أقرب) من أي وقت مضى للتحرير
ــــــــــ
https://telegram.me/buratha