عباس سرحان ||
شرع الجيش الاسرائيلي مساء الاثنين بشن حملة جوية عنيفة على قطاع غزة مستخدما سلاح الجو، بعد ان توعد رئيس وزراء الكيان نتنياهو باستخدام القوة المفرطة في ضرب اهداف فلسطينية في غزة من المرجح انها مدنية حيث ارتقى وجرح العشرات من الشهداء المدنيين مع بدء هذه الحملة.
وجاء هذا التصعيد العسكري على خلفية قيام قوات الامن الاسرائيلية باستهداف المصلين الفلسطينيين في حرم المسجد الاقصى واقتحامه وتدمير بعض عائداته الى جانب تدنيسه بإطلاق النار في داخله، الامر الذي استفز الفلسطينيين فسارعو لحمايته.
وتعتبر الاجراءات الامنية الاسرائيلية هذه انتهاكا صارخا للقوانين والاعراف الدولية التي تقرّ وتحمي حرية التعبّد وتمنع التعرض لها والتعدي عليها.
كما تعد هذه الاجراءات انتهاكا لاتفاقيات ثنائية مبرمة مع المملكة الاردنية، تضع المسجد الاقصى والشواهد الدينية الاسلامية الاخرى في فلسطين تحت الوصاية الاردنية، وتمنع الكيان من التدخل في ادارتها او الاستيلاء على مفاتيحها.
اللافت في هذا التصعيد الخطير هو حجم الانتهاك الفضيع لحقوق الانسان الذي مارسته اسرائيل ضد الفلسطينيين وسط صمت عربي ودولي واسلامي فاضح.
فبينما يواجه السكان المدنيون الفلسطينيون المحاصرون الصواريخ الاسرائيلية في هذا الشهر الفضيل بصدور عارية يسود الصمت المهين الحكومات العربية التي تفاعل بعضها مع التطبيع مع الكيان أكثر من التفاعل والتعاطف مع الدماء الفلسطينية.
فلم تتحرك الجامعة العربية ولا المؤتمر الاسلامي بشكل عاجل لبيان موقف عربي واسلامي مساند للفلسطينيين كما لم تتحرك الامم المتحدة وامريكا واوروبا لابداء موقف قوي يحمي الفلسطينيين من ردة الفعل الاسرائيلية العنيفة ضد غزة.
ولو كان ما يجري في فلسطين يحدث في بلد عربي آخر كالعراق مثلا لانهالت علينا بيانات الادانة والاستنكار والتهديد والوعيد المستعجلة من الامم المتحدة والدول الاوروبية والجامعة العربية بدعوى حماية حقوق الانسان.
وقد شاهد العراقيون والعالم عن كثب كيف استحوذت جينين بلاسخارت على القرار العراقي وحجّمت القوات الامنية العراقية ومنعتها من التصدي لمثيري الشغب والتخريب في البلاد بعد أن تدخلت في كل صغيرة وكبيرة، مستغلة موقعها الاداري كرئيس لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق"يونامي".
في المحصلة النهائية هذه المواقف غير المبالية من قبل الدول العربية والمؤسسات الدولية والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي تعد ضوء أخضر للكيان لارتكاب مجازر بحق الفلسطينيين.
لكن هذه المواقف المتخاذلة تزيد من حق المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن نفسها وشعبها والمقدسات الاسلامية وعدم انتظار الدعم الا من الجهات التي ترتبط بمحور المقاومة والتي باتت واضحة .
فقد افرزت الاحداث خندقين احدهما متخاذل مهادن ومتزلزل، والاخر قوي يمتلك القرار والارادة والمباديء ليذود عن فلسطين ويعتبرها قضيته المركزية.
وهذا انجاز كبير اذا ما نظرنا اليه على أنه تجاوز لحالة الضبابية التي شابت المواقف من القضية الفلسطينية دائما وتسببت بضياعها سنوات طويلة لانها اعتمدت على اطراف منافقة تدعي نصرة فلسطين في العلن وتتآمر على الفلسطينيين تحت الطاولة وفي الغرف المغلقة.
https://telegram.me/buratha