🖋 قاسم سلمان العبودي ||
منذ عام ٢٠٠٣ عام الأحتلال الأمريكي ، وسقوط صنم العراق الأكبر ، والمقاومة العراقية تنوعت مسمياتها ، لكن الهدف واحد . جلاء المحتل الأمريكي والبريطاني ، وأقامة دولة تحكمها الفئة الصالحة من الشعب العراقي . هو العنوان الأبرز لجميع أدبيات وستراتيجيات المقاوم العراقي الذي أرتقى بسمو عالٍ ورسم خارطة تحرير العراق وفق متبنياته الأيدلوجية.
لكن هذا لم يرق للقوات الغازية ، وحاولت أستمالة بعض هذه الفصائل المقاومة ونجحت في ذلك بنسبة معينه . لكن المسارات الوطنية ، وصَناعها بقيت عصية على المحتل الأمريكي وخصوصاً تلك المقاومة التي جعلت الأسلام محورها الحركي للصراع مع الأمريكيين .
قبل أيام ظهر السيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في لقاء متلفز مع مجموعة من أعلامي القنوات الفضائية ، وقال بالحرف الواحد ، أن السيد مقتدى الصدر سيد المقاومة ( على عناد الكل ) . علماً أننا نعرف من هم الكل الذي يقصده السيد رئيس الوزراء .
نحن كمتابعين للشأن السياسي العراقي ، نقول نعم أن السيد مقتدى الصدر ، كان مقاوماً ، وقد أوجع المحتل الأمريكي في فترة صراعه معهم أيام حرب النجف الأشرف وغيرها من المدن العراقية التي كانت على موعد للمواجهه مع المحتل .
لكن أن يهمش دور الفصائل المقاومة الأخرى التي أذلت الجيش الأمريكي ، وتوسلت بقادة النصر من أجل فتح ممرات آمنه لها للخروج من العراق عام ٢٠١١ ، فيه تجني و أجحاف كبير .
فما الذي يريده السيد رئيس الحكومة بهذا التصريح الرنان ؟ وفي هذا التوقيت تحديداً ؟ ، والعراق يعد العدة لأجراء أول أنتخابات برلمانية وفق القانون الأنتخابي الجديد ؟ قطعاً هناك هدف لهذا التصريح ، وبهذا التوقيت حصراً .
بتحليل بسيط وغير معقد ، نعتقد أن رئيس الوزراء قد بدأ حملته الأنتخابية مبكراً ، والترويج للتيار الصدري الطامح لرئاسة الوزراء . التسريبات الأعلامية تقول أن حصل التيار الصدري على ما مجموعه ١٠٠ من المقاعد البرلمانية ، سيدفع بالسيد الكاظمي الى رئاسة الوزراء مجدداً بشرط عدم ترشح الكاظمي للأنتخابات القادمة نزولاً عند رغبة الفتح الذي أشترط على الكاظمي ليلة تكليفه لرئاسة الوزراء بعدم الترشح في الأنتخابات القادمة ، وهذا غير صحيح ، لأن التيار الصدري يعمل بعيداً عن الفتح .
إن صحت هذه التسريبات ، نسأل التيار الصدري ومكتبه السياسي على وجه التحديد ، ما هو الشيء الذي قدمه رئيس الوزراء في تكليفه الأول للشعب العراقي ، حتى يرسم له تكليف جديد في حال فوز التيار بالأغلبية البرلمانية ؟ الكل سيقول لاشيء . أذن لماذا الترويج المبكر؟
نحن نعتقد أن دعم التيار الصدري للكاظمي والأشاره له لسببين . الأول لأستمالت جمهور الكاظمي الذي دعم ترشيحه ، والذي يسمى مجازاً ( متظاهري تشرين ) بأعتبار الكاظمي جاء من رحم هذا الحراك التشريني .
والثاني لأستمالت السفارة الأمريكية التي دعمت فوضى تشرين ، ودعمت ترشيح الكاظمي عقب تلك الأحداث المؤلمة ، في تبرير غير منطقي البته . بالعودة لعنوان هذا المقال نرى أن تصريح الكاظمي جاء متناغم مع الأتفاق المبرم بين الطرفين ، وأيضاً لسببين : السبب الأول هو لتهميش فصائل المقاومة الأسلامية التي يبدو أنها أوجعت المحتل الأمريكي ، وأستهدفته بضربات نوعيه متلاحقة ، أجبرته على التقهقر في الداخل العراقي ، وهي محاوله منه لأظهار الطاعة للسفارة الأمريكية التي دعمته دعما مطلقاً طول فترة أدائه ولا زالت .
والسبب الآخر لدق إسفين البغضاء بين التيار الصدري وبين فصائل المقاومة الأسلامية التي ربما تختلف أيدلوجياً مع التيار ، وأيضاً لشق البيت الشيعي ، الذي بدا عقلاء القوم بمحاولة ترميمه قبل خوض غمار الأنتخابات القادمة . أنا على مستوى شخصي ، لدي قناعة تامه بأن السيد الكاظمي يعرف جيداً بأنه غير صادق في ما ذهب اليه من وصف . ومحاولته إِغاضت بعض الإطراف الشيعية ، التي وقفت بالضد من مشروعه في أدارة دفة رئاسة الوزراء .
بعيداً عما ذهبنا اليه من تحليل ، نرى أن العراق اليوم بحاجة ماسة الى رجال دولة ، تأخذ بيد البلد الى بر الأمان . لا أن تهمش طرف على حساب طرفاً آخر في محاولات مكشوفة وواضحة الى جر الفرقاء السياسين الى مناكفات تضعف العملية السياسية وتزيدها ضعفاً فوق ضعف .
أقول لكل من يدعي الوطنية ، التنافس الأنتخابي مكفول دستورياً ، بشرط أن لا يكون وفق منظور تسقيطي . ولايكون على حساب الثوابت الوطنية التي من أجلها سيخرج الشعب ليقول كلمته عبر صناديق الأقتراع . لذا ركوب الموجة من قبل بعض أدعياء الوطنية ، مخلٍ بشرف العملية الديمقراطية التي يتغنون بها .
الإثر الواضح ، والمصداق الحقيقي للمقاومة الأسلامية العراقية ، سواءاً كانت بزعامة السيد مقتدى الصدر ، أو ببقية الفصائل ، هو أخراج المحتل الأمريكي أولاً ، والذهاب لبناء بلد أسمه العراق ثانياً . نقطة رأس سطر .
https://telegram.me/buratha