المقالات

اضطراب العيد..

1394 2021-05-13

 

د. نعمه العبادي ||

 

لا تكاد تمر سنة من السنين إلا ويحدث اضطراباً واختلافاً في موعد تحديد بداية الشهر القمري الجديد، ويظهر ذلك بوضوح في تحديد بداية شهر رمضان وعيد الفطر وعيد الاضحى،  ويعاد اللغط نفسه في كل سنة دون الوصول الى نتيجة، وفي معظم الاحيان يشعر (مثبت الهلال ونافيه) بعدم الإطمئنان فضلاً عن الانزعاج النفسي، لأنك أمام إنقسام في العيد في العائلة الواحدة، بل بين الزوجين، فضلا عن المنطقة الواحدة والعالم كله، وبهذه المناسبة أوضح الامور الآتية:

١- ارتبطت كل العبادات الواجبة والمستحبة المحددة بتوقيتات محددة مثل صيام شهر رمضان والحج وغيرهن بالشهر القمري وهلاله، لأنه التقويم المعتمد في الرؤية الدينية، ولأن موضوع اثبات الهلال يعاني من الاضطراب في كل شهر، فإن هذا الأمر انعكس على توقيتات كل العبادات، واوضح مصاديقه وقوف الكثير من الناس في جبل عرفات في يوم الثامن من ذي الحجة بحسب توقيتهم بخلاف توقيته الصحيح وهو اليوم التاسع، لأنهم مجبرون بمتابعة توقيت السعودية في الحج.

٢- تكمن نقطة الخلاف في الرؤى الفقهية المتعددة بشأن موضوع الهلال في ثلاثة أمور رئيسة هي:

- صحة الاعتماد على العين المسلحة (النواظير والتلسكوبات) من عدمه في ثبوت الرؤية، وفي هذه النقطة يقول الفريق الذي يرفض الاعتماد على العين المسلحة : ( إن القرآن الكريم قد دلّ على أن أهلة الشهور إنما جعلت مواقيت يعتمد عليها الناس في أمور دينهم ودنياهم، قال تعالى: [يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ] وما يصلح أن يكون ميقاتاً لعامة الناس هو الهلال الذي يظهر على الأفق المحلي بنحوٍ قابلٍ للرؤية بالعين المجرّدة، وأما ما لا يرى إلا بالأدوات المقربة فهو لا يصلح أن يكون ميقاتاً للناس عامة)، ولهذا يصر اصحاب هذا الاتجاه بأن المعتمد حصراً هو الرؤية بالعين المجردة لانها الوسيلة المتاحة لعامة الناس، ومن المنطقي ان يكون حكم الدين مبنياً على ظروف العامة، بينما يذهب الاتجاه الآخر الى القول بأنه لا مشكلة بالاستعانة بالعين المسلحة، بحيث اذا تم رؤية الهلال بحجم يصلح ان يرى بالعين المجردة لولا الظروف الجوية والغيوم، فهو يكفي لثبوت الشهر خصوصا بعد ان تؤكد الوسائل العلمية ولادته الطبيعية، اي خروج القمر من المحاق.

- وحدة الافق وتعدده: والخلاف في هذه النقطة يمكن في المبنى الفلكي والعلمي الذي يتبناه الفقيه، فهناك من يرى ان العالم كله افق واحد، ولذا اذا ثبت الهلال في اي بقعة في الارض بشكل يوثق به ثبت في البلاد الاخرى، بينما يرى آخرون ان الافق متعدد، ولكل مجموعة دول ومناطق أفق محدد بها، وعليه إذا ثبت الهلال في منطقة ما، فلا عبرة به ولا تثبت به الرؤية في المناطق الأخرى.

- مشاهدة الهلال في غرب او شرق البلاد وامكان الاعتماد عليه، ويذهب فريق إلى ان الهلال اذا شوهد في بلد مغرب بلد أخرى، فمن باب أولى يثبت في بلد المشرق، ولا يحكم بهذا فريق آخر، وكذلك بلد المشرق، وفي هذه النقطة جدل اكبر، فهناك من يعتمد على بلد المشرق اذا كان الوقت كافي ليظهر الهلال ويرى في بلد المغرب اي التي تقع غربها، وآخرون على خلاف ذلك.

والمحصلة ان تعدد وجهات النظر في القضايا الثلاثة المشار إليها اعلاه، هي موضع تعدد التوقيت في كل سنة.

٣- توجد روايات متعددة تؤكد على ان الهلال إذا رآه واحد رآه الناس جميعاً، اي ان العادة اذا كان مرئياً فسيكون مرئياً لكل الناس، لذلك اقتصار رؤيته على عدد محدود من الناس يضر بالوثوق والاطمئنان.

٤- الامر المهم فيما قصدناه في هذا المقال هو البحث عن سبيل لتقليص دائرة الخلاف فيما يتعلق بهذه المسألة المهمة، ومن أجله اقترح:

١- تشكيل مجلس علمي عالمي يضم نخبة من الفقهاء من كل المذاهب والتوجهات الفقهية، يقوم على إجراء بحوث جماعية رصينة في موضوع الهلال وثبوته، ويجري التحقيق في كل المحتملات وفحص كل الآراء والظنون، لغرض الوصول الى خلاصات فقهية اكثر دقة واقرب للواقع، وهذا الامر لا يتقاطع مع تعدد التقليد في الامور الاخرى.

٢- العمل على انشاء هيئة مراصد يتم توزيعها بشكل علمي ومنتظم في كل بقاع الارض وخصوصا المناطق التي يرجح مشاهدة الهلال فيها، وان ترفع تقارير دورية مركزية توضع بمتناول يد المجمع العلمي وكذلك الفقهاء ليساعدهم في تحديد الرأي الادق بخصوص ثبوت الهلال.

٣- تشجيع ثقافة الاستهلال واجراء تدريبات عليها من خلال دورات مناسبة، ونشر معلومات علمية دقيقة في هذا المجال على صفحات ومواقع معروفة في الانترنت، فضلا عن القنوات الفضائية.

٤- دعوة المرجعيات المذهبية وكذلك في داخل كل مذهب للتواصل بشكل مباشر في اوقات مناسبة قبل الحكم بثبوت او نفي وجود الهلال للمشاركة في الرأي والتوجه الذي يساهم في توحيد توقيت الرؤية.

٥- على الدول ان توفر وتدعم كل الفعاليات والامور التي تساهم في الوصول إلى رؤية دقيقة وموحدة للهلال بحيث تتوحد الأمة على موعد واحد..

لمن افطر: عيدكم فرح وايامكم كرنفال وكل عيد وانتم بالخير كله.

ولمن بقي صائما: تقبل الله طاعاتكم ولعيدكم غدا نسخة من المباركة اعلاه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك