حسين فلسطين ||
على الرغم من محاولة إسقاطها وكسر إرادة متبنيها ، تفرض قوى محور المقاومة ما يخالف أهداف المحاور الأخرى وأهمها القطب الأمريكي الخليجي الذي يتبنى تأمين قيام الكيان الصهيوني ، وذلك من خلال أضعاف وتقسيم دول عربية وإسلامية واشغالها بحروب و صراعات داخلية وخارجية تعطل رؤيتها القائمة على اساس ضبط إيقاع المنطقة العربية واضفاء طابع الاستقرار على منطقة الشرق الأوسط.
ان ما تعيشه المنطقة من تغييرات جيوسياسية مهمة قد تؤدي إلى تحولات عميقة في بنية النظام الإقليمي خصوصاً مع اشتداد عود المقاومة في العراق ولبنان واليمن وسوريا وفلسطين ، فالتقدم السريع لهذا المحور اوقف نمو اهم مشاريع الإمبريالية الأمريكية الصهيونية وادواتها الخليجية الوهابية والتي بدأت من ثلاث محاور أساسية فمشروع قيام دولة وهابية في العراق والشام اوكلت لتنظيم داعش الإرهابي ، وقيام تحالف عربي يقوده الكيان السعودي لضرب اليمن والحوثيين وتقسيمه ، فيما يتولى الكيان الإسرائيلي مهمة الإدارة والتخطيط لضرب حزب الله في لبنان والمقاومة الاسلامية في فلسطين المحتلة اضافة الى محاولة الاستفادة القصوى من التحولات التي تنتج عن نجاح تلك المشاريع ذوات الصبغ الطائفية الإرهابية !
ان فشل تلك المشاريع وما نتج من ارتدادات عكسية تسبب بخسائر سياسية واقتصادية فادحة تحملها المحور (الأمريكي_الصهيوني) وحلفائه من الأنظمة الوهابية ، كان بفعل انتصار محور المقاومة فبالاضافة لهزيمة تنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا سجل الحوثيين في اليمن انتصاراً يقارب من حيث الأهمية ما تحقق في العراق ، فيما استطاع ذراع المقاومة في لبنان وفلسطين من مفاجئة كيان العدو وحلفائه نتيجة القدرات العسكرية التي هزت بصوريخها المستوطنات الصهيونية ليصل صداها دول التطبيع .
ولان مدى صواريخ محور المقاومة بدأ يتجاوز كبرى المشاريع الاقتصادية النفطية في دول الخليج كذلك تمكنها من ضرب أكبر القواعد العسكرية الأمريكية ، فأن الخريطة الجيوسياسية تبرز أهمية الدور الإيراني الذي يقود محور المقاومة في المنطقة والعالم ، فكثير من الدول العربية، وخاصة الخليجية، بدأت تعاني من تمدد المشروع المقاوم وانتصاراته المتلاحقة وتلقيها الهزيمة في اكثر من مكان وزمان ، وهذا ما أجبرهم وسيجبرهم على تقديم التنازلات من أجل الحفاظ على شيئ من وجودهم وقوتهم ، كونهم يدركون تماماً أن الضغط على زر انطلاق الصواريخ سيكلفهم تدمير كامل للبنى التحتية والنفطية ، لذلك فلا غرابة من أن يتودد (محمد بن سلمان) ايران الذي أصيب بهوس أرسال الوساطات للجانب الإيراني من أجل استمالتهم وارضائهم متنازلاً عن جميع ما أراد رسمه في المنطقة كأيقاف الحرب على اليمن ومد جسور العلاقة مع الجمهورية الإسلامية اضافة لترك الساحة السورية بعد عقد من دعم الإرهاب فيها!
وعلى ما يبدو أن رهان الامريكان والإسرائيليين اضافة للنظام الوهابي السعودي على نفاذ الأوراق الرابحة لدى محور المقاومة قد فشل فشلاً ذريعاً ، خصوصاً مع انطلاق معركة "سيف القدس" التي بدأت فعليا بتهديد وجود الكيان الإسرائيلي اضافة الى رغبة الدول الخمسة الكبرى للعودة إلى مفاوضات الملف النووي الإيراني تزامناً مع زيادة طهران نسب تخصيب اليورانيوم .
لذلك فإن المشهد الجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط في ضوء هذه الأحداث التي تشي بتغيرات في المنطقة سيكون لصالح المقاومة ، سواء على المدى البعيد أو القريب الذي بدأت نتائجه تلوح في الأفق مما يجعل الدول العربية والخليجية بالذات بين خيارين اثنين احلاهما مرّ فأما الجنوح إلى السلم والاعتراف بالهزيمة واما مزيد من خسائر الحروب وما يترتب عليها من الامور أخرى كضرب المنشأت الحيوية النفطية الذي سيكلفها خسائر تتجاوز آلاف مليار التي خسرتها أنظمة الخليج من أجل تمويل داعش الإرهابي، لذا فهي امام مخاض عسير سيكون له أثر بالغ على مستقبل المنطقة على جميع المستويات سواء في الفترة الحالية او في المستقبل .
https://telegram.me/buratha