المقالات

التراجع والانهيار..في مهزلة إعادة الانتشار

1356 2021-05-24

 

محمد الجاسم ||

 

     تمر القطعات العسكرية لأي جيش نظامي في العالم، غبَّ كل مجهود تعبوي، يتسبب في خسائر في الأرواح والمعدات، في مرحلة إعادة تموضع، أو إعادة هيكلة، أو (إعادة انتشار)، وهذا المصطلح الأخير هو الذي يعنينا في هذه المقالة المتواضعة عن اللعبة الأمريكية التي يراوغ بها قادة القوات العسكرية الأمريكية المنضوية تحت راية التحالف الدولي في العراق، الذي هو تحالف أمريكي بامتياز. ولا تعني (إعادة الانتشار) في القاموس العسكري العالمي أكثر من عملية إعادة توزيع القطعات لتحقيق هدف معين بناء على تحديات ميدانية أو أمنية أو معطيات مرحلية أو بعيدة المدى. وقد تحدث عملية (إعادة الانتشار) من معسكر الى آخر في رقعة جغرافية ذاتها، أو من مدينة الى أخرى، أو من شمال البلاد الى جنوبه.. وغيرها.

     أما ما تداولته أنباء عراقية وأخرى أمريكية ـ مؤخراً ـ عن مفاوضات بين الطرفين بغية (إعادة الانتشار)، لإيهام المفاوض العراقي، ومن بعده، إيهام الشعب العراقي، بأن المساعي بين الطرفين ترمي الى الانسحاب التدريجي للجيش الأمريكي من أرض العراق، تلبية الى قرار مجلس النواب العراقي الذي تم التصويت عليه بالأغلبية للنواب الحاضرين وبنصاب فاعل، يقضي بإلزام الحكومة ـ في زمن السيد عادل عبد المهدي الذي طلب ذلك ـ بالعمل على إنهاء طلب المساعدة المقدم منها إلى التحالف الدولي بقيادة واشنطن ، لانتفاء الحاجة إليه، وإنهاء أي تواجد للقوات الأجنبية على الأراضي العراقية. وكانت الخارجية الأمريكية ، في وقتها، قد أعربت عن "خيبة الأمل" إزاء هذا القرار، داعية السلطات العراقية إلى إعادة النظر فيه، نظراً لما يتضمنه من مفاجأة وطنية جريئة ضد التواجد الأجنبي في البلاد، الذي أصبح غير مرغوب فيه، نتيجة الأعمال العدوانية التي اقترفتها القوات الأمريكية بقصف مواقع للقوات المسلحة العراقية ( جيش وحشد وشرطة اتحادية) وكذلك قصف مطار كربلاء تحت الإنشاء، وكذلك جريمة قصف طريق مطار بغداد الدولي واغتيال القائد العراقي أبي مهدي المهندس ، وضيف العراق الرسمي الجنرال قاسم سليماني.

     ما الذي تريده الولايات المتحدة من مفاوضات عقيمة تستند إلى فرضية استغفالية اسمها (إعادة الانتشار) وهي التي لا تُفضي الى أي انسحاب لقواتها من بلادنا. ان التسويف الذي تمارسه القوات الأمريكية في هذا الصدد ينبئ بعدم رغبتهم في إخلاء العراق من الوحدات القتالية المتبقية. لقد سحب الشعب العراقي البساط من تحت ذريعة مهمة الولايات المتحدة وحلفائها لمقاتلة تنظيم ( داعش ) الإرهابي ، بعد النصر المؤزر وتحرير كامل التراب الوطني الذي كان تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، ما دعا الولايات المتحدة الى أن تبتكر أكذوبة جديدة تتمثل بالدعوة إلى التدريب والمشورة في تفاصيل "الحوار الستراتيجي" لأول مرة منذ مغادرة المجرم ترامب البيت الأبيض.

     إن تعرُّض القواعد الأمريكية وأرتالها اللوجستية في العراق لهجمات صاروخية مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة، يوحي بأن الرفض العسكري قد بدأ بالفعل، بعد أن سبقه الرفض النيابي في الخامس من كانون ثانٍ 2020، وكذلك الرفض الجماهيري في التظاهرة المليونية التي خرجت في بغداد عقب ذلك في الرابع والعشرين من الشهر ذاته، وغير ذلك من المواقف الجماهيرية الرافضة (للاحتلال).

     تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة (جو بايدن) الى إيهام الجانب الحكومي المفاوض، بالانتقال من المهمة القتالية إلى التدريب والتجهيز ودعم قوات الأمن والقوات العسكرية العراقية ، وهذا ما يستطيع العراق تأمينه من أية دول قوية ومؤثرة في المشهد الدولي ،إضافة للجانب الأمريكي، بغية التخلص من التبعية والذيلية الى الولايات المتحدة، وعلى المفاوض العراقي أن يضع مصلحة بلادنا على طاولة التفاهم، دون التفريط بأية تفاصيل لها مساس مباشر بالسيادة الوطنية.

 

ورُبَّ قول ..أنفذُ مِنْ صَوْل..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك