المقالات

ماهي الثورة؟ وهل حان اوانها؟


  محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

الوضع السياسي في العراق وصل الى الطريق المسدود. هكذا يقول العديد من الناس. فما هو الحل؟ دائما هناك طريقان: الاصلاح والثورة.  اما الاصلاح فهو عملية تقوم من داخل الوضع السياسي وتستند الى الياتها المعترف بها وهي الدستور النافذ والقوانين النافذة.  والدستور اتاح الية دستورية للاصلاح وردت في المادة ٦٤. ومن اجل تفعيل هذه الالية واستخدامها بطريقة تؤدي فعلا الى الاصلاح السياسي بحده الادنى اقترحنا قبل فترة طويلة امرين: الامر الاول: تشريع قانون الانتخاب الفردي. الامر الثاني: اجراء الانتخابات المبكرة.  فاما الامر الاول فقد جرى الالتفاف عليه بتشريع قانون مشوه وهجين للانتخابات يجهض الدور الاصلاحي للانتخابات.  واما الامر الثاني فقد تم افراغه من محتواه بجعل موعد الانتخابات في شهر اكتوبر المقبل اي قبل اشهر قليلة من موعدها الدستوري. وبالتالي فلم تعد الانتخابات المزمعة "مبكرة". في هذه الاثناء، ترفض كل القوى الماسكة بالسلطة والنفوذ اجراء اصلاحات حقيقية. وما الاتيان بمصطفى الكاظمي الا دليل على امعانها بالتمسك بالوضع غير الصالح الحالي.  اذا اقتنع الناس بان هذه المؤشرات دليل على امتناع الاصلاح بالطرق الدستورية، فلا يبقى امامهم الا الثورة (باستثناء احتمالية بقاء الوضع الراهن الى ما لا نهاية، او تفككه واختفاء الدولة العراقية). في تعريف  مصطلح "الثورة" سوف استعير كلام الفيلسوف الانجليزي R.M.Hare (١٩١٩-٢٠٠٢) الذي يقول ان "الثائر هو الشخص الذي يحاول، وبطرق غير قانونية، ان يبدل، ليس فقط القوانين الخاصة او من يديرون شؤون هذه القوانين، بل النظام كله، او منظومة الحكم في بلده". (كتاب "اخلاق السياسة"، ص٢٨ من الترجمة العربية). وعادة ما يحصل اللجوء الى الثورة "حين لا يكون بالامكان الوصول الى الغاية المتوخاة بالاساليب الشرعية"، و "حين تكون المساوىء التي تنتج عن الحالة الراهنة للامور اضخم من مجموع تلك المساوىء التي يكون من شأنها ان تحدث خلال قيام التمرد". ( ص ٣٢-٣٣). ولهذا يكون من الضروري التأكد من توفر هذين الشرطين قبل اللجوء الى "الثورة" اي التغيير بطرق غير قانونية. الطرق القانونية المتاحة، على مستوى تغيير طاقم الحكم، اي الحكومة والبرلمان، هي الانتخابات. والطريقة المتاحة لتعديل الدستور هي الاستفتاء العام. وهناك من يرى ان الطريقتين لم تعودا متوفرتين بسبب اصرار الطبقة السياسية لما بعد علم ٢٠٠٣ على البقاء في السلطة. (لاحظ قائمة المتنافسين الاساسيين في الانتخابات المزمعة). كما ان هذه الطبقة غير جادة في انجاز الاصلاحات المطلوبة بما في ذلك تعديل الدستور، لان هذه الاصلاحات تتناقض مع مصالحها السياسية والاقتصادية الشخصية او الفئوية. لهذا يرى فريق من الناس ان "الثورة"، اي التغيير بطريقة غير قانونية، اصبحت امرا محتوما. واذا كانت الثورة تعني من الناحية الاجرائية ازاحة الطبقة الحاكمة الراهنة، والاستيلاء على السلطة بطريقة قانونية لاجراء الاصلاحات المطلوبة، فان ذلك يمكن ان يتم بطريقين، اما الانقلاب العسكري، او الثورة الشعبية. وكلا الطريقين يتضمنان انشاء سلطة جديدة، وحل البرلمان والحكومة، وايقاف العمل بالدستور، والشروع باعادة بناء الدولة على اسس جديدة. وهنا يتعين الاجابة عن هذا السؤال: هل ان اللجوء الى الانقلاب العسكري او الثورة الشعبية اقل سوءاً من مساويء استمرار الوضع الراهن ام لا؟  ومع ان الاجابة عن هذا السؤال تستبطن "التوقع الشخصي"، فانه من الضروري ان يكون واضحا بما فيه الكفاية ان النظام البديل الذي تتضمنه  الاصلاحات المطلوبة افضل من النظام الحالي، وان اقامته تعبر عن ارادة اغلبية شعبية واضحة وليس فقط ارادة "الثائرين" الذين قرروا بمحض ارادتهم تغيير النظام بطريقة غير قانونية.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك