عباس سرحان ||
لم يكن اختطاف القائد في الحشد الشعبي قاسم مصلح حدثا عابرا، بل كان حدثا يحمل دلالات وله غايات خطيرة.
لكن قبل الوقوف عندها دعونا نتقصى الادعاءات التي سيقت لتبرير عملية الاختطاف والاسباب التي روجتها جهات رسمية غطاء لهذا الفعل.
ما تم تسريبه للاعلام ان مصلح "اعتقلته" قوة مشتركة عراقية - امريكية وفقا للمادة 4 ارهاب، وسارعت قنوات اعلامية مغرضة لتكييف عملية الاختطاف على انها جاءت بناء على حكم قضائي .
طيب اذا كان اعتقال مصلح تم بناء على حكم قضائي، فما هي التهمة الموجهة له والتي تندرج تحت طائلة الارهاب؟!.
فإذا اتُّهم الرجل بالوقوف وراء عمليات اغتيال ناشطين كما ذهبت بعض وسائل الاعلام الصفراء، فهذه العمليات جرائم جنائية، وليست ارهابية وتندرج ضمن قانون العقوبات العراقي تحت المادة 405.
وقد حوكم عدة اشخاص من المتظاهرين بنفس المادة "405" بعد إقدامهم على قتل الشاب ميثم البطاط في ساحة الوثبة والتمثيل بجثته، ولم يُتهموا بالإرهاب، وبناء عليه يمكن ادراج جرائم اغتيال الناشطين تحت نفس الصفة.
ولنفترض وجود خطأ في تكييف عملية الاعتقال، وأنها جاءت بناء على اتهام بالقتل وليس اتهاما بالارهاب، فما هي المعطيات التي استندت عليها الجهات التي اعتقلته؟.
فهل لديها اعترافات ضده من أشخاص متهمين بجرائم الاغتيال؟ أو لديها أدلة أخرى تثبت تورطه وتجيز لها اعتقاله؟.
نحن لم نسمع ان جهات رسمية معنية اعتقلت اشخاصا تورطوا بجرائم قتل الناشطين حتى نظن أن أحدهم اعترف بتورط مصلح بعمليات الاغتيال وهو ما حدا بالقضاء الى اصدار امر قبض بحقه.
لنفترض إذن أن الاعتقال تم بناء على الشك، والشك أمر مشروع لدى المحقق القضائي وله الحق في استدعاء من يعتقد بصلته بفعل جنائي.
لكن ما يواجهنا هنا أن المحقق لايملك صلاحية الأمر باعتقال أي شخص لمجرد انه شك بتورطه دون توفر مسوغ قانوني، انما له حق الاستدعاء وهذا يختلف عن الاعتقال.
فالمتهم الذي لا تتوفر ضده ادلة جنائية يمكن استقدامه بالتبليغ بالحضور وبطريقة تحفظ كرامته للاستماع الى اقواله دون هتك حرمته بعملية اعتقال مهينة.
واذا تجاوزنا كل تلك المؤاخذات في عملية الاعتقال وافترضنا ان اعتقال مصلح كان سليما من الناحية القانونية، فمن هي الجهة التنفيذية المخولة بتنفيذ أمر القبض، اليس الجهات العراقية هي المعنية بهذا الاعتقال، فلماذا يتم اشراك قوات امريكية فيه؟.
وهل اشتركت قوات امريكية بعملية الاعتقال إلا لكون الرجل متورط بفعل ما ضد الامريكان؟، وإلا فإنهم غير معنيين بعملية كهذه دون أن يكون لهم مصلحة فيها.
وهنا ترجح فرضية اخرى تقول ان قاسم مصلح باعتباره قائدا لعمليات غرب الانبار الخاصة بالحشد الشعبي، منع دخول قوات امريكية قادمة من الاراضي السورية لقاعدة عين الاسد، كما اعترض على نقل ارهابيين وأسرهم من سورية الى العراق.
ومعلوم أن الجهات الامريكية تضع كل من يعارضها تحت لائحة الارهاب، ولديها قوائم طويلة ضمت اسماء أشخاص وضعتهم على لوائح الارهاب الخاصة بها لكونهم عارضوا سياساتها لا أكثر ولا أقل.
فلا غرابة إذن في أن يكون القائد في الحشد الشعبي قاسم مصلح واحدا من أولئك الاشخاص الذين تصفهم أمريكا بالارهاب لسبب هي تقرره.
أما عن أهم اهداف عملية اختطاف مصلح، فما يراد منها هو اضعاف الحشد والنيل من هيبته وارسال رسائل الى خصوم الحشد في الداخل والخارج مفادها ان جهات عراقية بعينها يمكن ان تلعب دورا مهما في اضعاف الحشد.
ومن المؤكد ان هذه الجهات تطمح لارضاء لاعبين دوليين واقليمين مؤثرين في الشأن العراق رغبة منها في الحصول على مكاسب سياسية عليا في المرحلة المقبلة لاسيما وأن الانتخابات النيابية على الابواب.
غير أن شيطنة الحشد من خلال استهداف قياداته يأتي بنتائج عكسية على الصعيد الشعبي لأنه يعزز من التفاف الجمهور حوله ويحرج الجهات التي تقوم باستهدافه ومن يقفون وراءها.
https://telegram.me/buratha