المقالات

لماذا يستخدم العراق نشيد فلسطين وعلم البعث وشعار صلاح الدين؟!

2607 2021-05-31

 

د. علي المؤمن ||

 

    خلال العام 1999 كنّا في زيارة الى متحف الشهداء في الجزائر، وكان نشيد "موطني" يصدح في القاعة الأصلية؛ فتذكرت نهاية الستينات والسبعينات حين كنّا في العراق نتغنى بالنشيد ونحن أطفالاً في المرحلتين الإبتدائية والمتوسطة.

 قلت لمرافقنا الجزائري: هذا النشيد الوطني السابق لفلسطين والأردن؛ فقال: نعم؛ واستعرناه منهم ليكون أحد أناشيد الثورة الجزائرية.

وجدت ذلك طبيعياً؛ لأن الجزائريين يستخدمونه نشيداً شعبياً وثورياً، وليس نشيداً وطنياً رسمياً؛ لأن الدول لاتستعير الأناشيد الوطنية الرسمية للدول الأخرى وتستخدمها نشيداً لها؛ بل تعتمد أناشيد لشعرائها تتمثّل بيئتها المحلية وواقعها وتاريخها وحضارتها؛ بل حتى في اللحن؛ تعتمد الخصوصية الموسيقية المحلية. وبالتالي فما يحدث في العراق شيء غريب؛ والعراق هو موطن الشعراء والمنشدين!!

    بعد مرور 18 عاماً على سقوط النظام البائد؛ لاتزال الدولة العراقية تستخدم نشيداً وطنياً رسمياً مستعاراً من فلسطين، وترفع علماً بعثياً ( علم حزب البعث، وعليه عبارة حق أراد بها صدام باطلاً)، وتتمسك بشعار النسر الذي هو شعار صلاح الدين الأيوبي الذي رفعه بعد إسقاط الدولة الفاطمية في مصر ودفن مئات آلاف العلويين في المقابر الجماعية.

    ولاندري ماهو سر إستخراج النشيد الوطني الفلسطيني من بين الركام، وهو يعود الى العام 1934، واستغنت عنه دولتا فلسطين والأردن منذ عشرات السنين؛ ليعود نشيداً وطنياً مفروضاً على العراق؟! ومن هو صاحب هذه الفكرة ؟! وماهو سر الإصرار على الإبقاء عليه نشيداً وطنياً رسمياً للعراق ؟!، ومن المسؤول عن إفشال عمل اللجان الحكومية والبرلمانية التي تأسست بهدف إقرار علم جديد ونشيد جديد وشعار جديد؟! وجميعها أمور سيادية أساسية.

    كما لاتزال الدولة العراقية تصر على رمزية سفاحين دوليين كالرشيد والمنصور وصلاح الدين، وتسمي الشوارع والأماكن العامة والمدن بأسمائهم، وترفع لهم النصب والتمائيل، وتغطي على طائفية وعنصرية المناهج الدراسية؛ ولاسيما مناهج التاريخ والدين. وليس هناك شك في أن انهزامية بعض المسؤولين الشيعة وضغط بعض السنة؛ سيحوِّلا صدام حسين مستقبلاً الى رمزية وطنية للعراق .

    سيقول بعض المعترضين أن هناك موضوعات أهم بكثير من العلم والنشيد الوطني وشعار الدولة ورموزها؛ كالإرهاب التكفيري، واختراقات البعثيين، والفساد الإداري والمالي، ومشاكل الخدمات والإعمار، وانفصال شمال العراق، والدستور الملغوم، والمحاصصة الطائفية والقومية، وتآمر أمريكا وإسرائيل والسعودية وتركيا وقطر ضد العراق. نعم؛ هذه الموضوعات أكثر أهمية بكثير. ولكن هل هناك تعارض وتضارب بين معالجة الموضوعات المهمة والموضوعات الأكثر أهمية ؟!

    وإذا كانت معالجة الموضوعات الأكثر أهمية؛ أمرٌ صعب، وبحاجة الى وقت، والى موازنات سياسية ومالية، وخبرات تراكمية، ومقاربات فكرية عميقة؛ فإن معالجة الموضوعات الأقل أهمية، كالنشيد الوطني والعلم والشعار والرموز الوطنية والمناهج الدراسية؛ ليس صعباً بالمرة؛ فهي لا تحتاج الى موازنة ولا الى قوات مسلحة ولا معجزة إقتصادية وسياسية وعسكرية، بل لا تمثل ـ في الحد الأدنى ـ تحديات وطنية طويلة الأجل وباهضة الكلفة، كتحديات الإرهاب والفساد والكهرباء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك