المقالات

إبن الإصول شريفاً حتى في عداوته


 

مالك العظماوي ||

 

كنت أعمل على مدى أربع سنوات مع رئيس قسم تربطني وإياه علاقة متشنجة ومواقف لا تخلو من الانفعالات والعصبية لدرجة إنها وصلت إلى تدخل عائلتينا، ولكوني أنتمي إلى إسرة تتزعم قبيلتنا، استطعت أن أرغمه على الاذعان والاعتراف بخطئه والاعتذار من إسرتي وقبيلتي. لكن علاقتنا استمرت بالتوتر والقطيعة لحين إنتقالي إلى دائرة أخرى كتدريسي للغة الإنجليزية.

وكنت متخصصا بإدخال المهندسين الذين يرومون الحصول على الترقية بدورات مكثفة في اللغة الإنجليزية. وذات يوم، وبعد مرور عشرة سنوات من التحاقي بعملي كتدريسي، جاءتني مجموعة من المهندسين والمهندسات من وزارة النفط وعددهم تقريبا (٢٢) متدرب، وكانت المفاجأة أن من بين هؤلاء المهندسين المتدربين، إبنة رئيس القسم الذي كنت أعمل معه والذي كانت بيننا مواقف عدائية وتباغض لحين انتقالي من القسم. وكانت هذه المهندسة بارعة في اللغة الإنجليزية ومثابرة على الحضور، ومهتمة جداً بمنهاج دورتنا، وكان ينافسها بذات المستوى أحد المتدربين الذي كان حاصلاً على الماجستير في الهندسة من أمريكا، ولعله يقرأ كلماتي هذه الآن كونه أصبح من أصدقائي، وكان بارعاً جداً في التحدث باللغة الإنجليزية بطلاقة لأنه عاش مدة الدراسة بأمريكا فآكتسب مهارة عالية في اللغة. وحيث أن اللغة لا تعني التحدث فقط، وإنما هناك مهارات أخرى تتعلق بالقواعد والتعبير والإلتزام بمنهاج الدورة وغيرها. فقد كانا متنافسين ومتقاربين جدا بالمستوى العلمي وبالمثابرة في الحضور. وفي آخر يوم من الدورة التدريبية إذ عادة يكون الإختبار النهائي، وبعد نهاية الإختبار، فتحت أجوبتهما، وكانت أمنيتي أن يتفوق حامل الماجستير، وكنت متذكرا لِما كان بيني وبين أبيها وما فعله معي، فقد كنت لا أرغب بتفوقها. ووقفت مليا وأنا في حيرة من أمري وأدقق في الإجابتين لعلي أجد تفوقاً لصاحب شهادة الماجستير أو رجحاناً لأجوبته، لكني وجدت فرقاً يسيراً بأجوبتها ورجحان كفة تفوقها من حيث بعض الفروقات البسيطة جداً التي تكاد أن لا تُعد رجحاناً. إلا أنه لابد للإنسان أن يتصرف بأصله وتربيته، وهنا لابد لي من أن أترك علاقاتي جانباً وأن أقرر قراراً يعكس تربيتي وأصالتي وتأريخ عائلتي، لذا فقد أعطيتها نتيجة التفوق - وإن كان يسيراً - أو كاد أن يكون غير واضح، إلا إنني عملت بمهنيتي وتم لها النجاح وتفوقها على صاحب الماجستير.

وهذا الموقف يذكرني بأحد الأساتذة الجامعيين، الذي حارب طالباً لديه على مدى دراسته في الجامعة، ولا غرابة فقد عمل بإصوله وتربيته، فبعد البحث وجدنا هذا الأستاذ قد عاش يتيماً وهو يعاني من عقدتي النقص الحقارة، حتى وهو حاصل على درجة البروف بإختصاصه، لكن عقده وتربيته وأصوله لعبت دوراً في قراراته التي راح ضحيتها ذلك الطالب المسكين، بسبب عدم تغلب الأستاذ على أنانيته وشعوره بالنقص.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك