المقالات

جامعة عالمية لا تقدر بثمن!

1204 2021-06-06

 

أمل هاني الياسري ||

 

صراع على الخلافة المغصوبة أصلاً، بين الأمويين والعباسيين من جهة، وبين إنتفاضات العلويين والزيديين ضدهم من جهة أخرى، ثأراً لظلامة آل البيت (عليهم السلام)، وبين القرامطة والزنج على تخوم الدولة العربية الإسلامية، محاولة النيل من الدين الحنيف، الذي تركزت أركانه بقوة، لأكثر من قرن فأسقط عروشهم، لكن بني العباس أشد عدواة على أبناء علي (عليه السلام)، وأسباط الأمة المحمدية العظيمة، لذا حاولوا أن يطفئوا نورهم، ويأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون.

توزع الناس أيام حكام بني العباس، من طالبي السلطة، والجاه، والمال، بين أشاعرة، ومعتزلة، وقدرية، وجبرية، وخوارج، وكثُرت المدارس الكلامية المتأرجحة بين التطرف والإعتدال، فأنبرى قمر علوي ساطع، قال عنه مالك بن أنس: (ما رأت عين، ولا سمعت أذن، ولا خطر على قلب، أفضل من جعفر الصادق فضلاً، وعلماً، وصدقاً، وعبادة)، نعم إنه الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، إشراقة بلا غروب، وشمس دائمة السطوع، وصبح لا يدركه الأفول!  

مهمة خطيرة أنيطت بصادق الأمة جعفر بن محمد (عليه السلام)، لتقوية الجذور الفكرية والعلمية، والتصدي والمواجهة، والتصحيح للعودة بالإسلام الى منابعه الصافية، فإستكمل رحلة التبليغ العظيمة، لوالده الإمام الباقر (عليه السلام)، ففجر ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وفتح للناس أبواباً من العلوم لم يألفوها، وأشرف على تدريس عدد كبير من التلاميذ، حتى وصلوا الى ( 4 الآف) تلميذ، موضحاً القواعد والأحكام، والأصول الفقهية والإجتهادية، إنه جامعة عالمية لا تقدر بثمن أبدا!

عاش الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، في زمن خلافة ابو جعفر المنصور العباسي، الذي كان معروفاً بشدة عدواته لأهل البيت (عليهم السلام)، لكن المتسلط العباسي زور التأريخ، وحرّف الكلام لتزييف الحقائق الدموية بحق العترة الطاهرة، حيث الورع، والقداسة، والتضحية، إستكمالاً لخط النبوة ولحفظ الدين، تتفيأ الأمة بظلالهم الوارفة، بيد أن الأمر يغيض المنافقين فهذا ابو جعفر المنصور يقول، كلما شاهد مكانة الإمام الصادق (عليه السلام): (إنه كالشجى المعترض في الحلق)!

الخلافة العباسية أدركت مهمة الإمام الصادق (عليه السلام) في الأمة، فأعتبروه محطة تهديد لحكمهم، حاله حال بقية أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، فهم قيادات معصومة راعية لمصالح الأمة، تمتلك فكراً لا يضاهى، وهم أبواب مدينة علم جدهم المصطفى، لذا شبهوا وجوده بأيام المنصور بين الأمة، بأنه كقطعة عظم تقف بالبلعوم (الشجى)، والذي يسبب غُصة للخليفة وملكه المزيف، وهذا طبيعي فالإمام الصادق كالطود الشامخ، يذكرهم بشجاعة وعدالة علي، وسيفه ذو الفقار!

الإمام الصادق (عليه السلام) لم يكن إماماً لمواليه فحسب، بل كان قائداً لموسم رسالي، موشح بعبق رسالة جده الإمام الحسين (عليه السلام)؛ لأنه موسم كل الأحرار والشرفاء في العالم، فتسلح تلامذته بأحكام الدين من منابعها الأصيلة، في هداية الناس وإرشادهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ومواجهة الفساد والإنحراف في المجتمع آنذاك، لتكون أحاديث الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) بحق شمساً أسطورية، تسطع على مجتمع نقي، خالص الولاء لدين محمد وآل محمد.  

 في الخامس والعشرين من شوال للعام الهجري (148)، ودعت الأمة الإسلامية الموالية لأهل البيت( عليهم السلام) قمراً من أقمارها، بعد أن دُسَ السم في عنب، قُدِم للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) تاركاً إرثاً إسلامياً عالمياً، ينهل منه القاصي والداني، وشهد له الأعداء قبل الأصدقاء، كيف لا؟ وقد إرتوت شجرته الصادقة، من ينبوع الرسالة ومنهل النبوة، وورث من أجداده الشرف، والورع، والحكمة، فسلام عليه يوم وُلِد، ويوم أُستشهد، ويوم يُبعث حياً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك