حمزة مصطفى ||
يجسد "منصور عباس" الذي لايعرفه أحد حتى قبل إسبوعين التراجيديا الفلسطينية بكامل أبعادها. فعلى مدى سبعة عقود من النضال الفلسطيني يجد مواطن مما يسمى عرب الداخل نفسه بيضة قبان لكن في معادلة إسرائيلية ـ إسرائيلية بحتة. هذا الرجل الذي أكاد أجزم إنكم لاتعرفونه وشخصيا سمعت به هذه الأيام يترأس القائمة العربية في "الكنسيت الإسرائيلي". منصور عباس الذي لايكاد يعرفه 9 من كل 10 عراقيين يعرف 9 منهم من كل 10 محمود عباس وياسر عرفات وعباس هنية وخالد مشعل ومحمود درويش وفدوى طوقان ونايف حواتمة سيتحول من الآن فصاعدا الى قضية تثير الجدل بشأن مفهوم الوطن المحتل مرتين, من الخارج ومن الداخل.
مأساة منصور عباس مركبة لأنه يعيش كلا الإحتلالين . فهو من جهة لم يخرج من أرضه التي إحتلها الصهاينة بالمؤامرة المعروفة التي كان لبريطانيا الدور الأبرز فيها سواء قبل وعد بلفور عام 1917 أم بعده. بقاؤه في داخل مابات يسمى الخط الأخضر جعله يمارس حياته الطبيعية في ظل الإحتلال لأرضه المحتلة سواء تلك التي إكتسب جنسية الدولة التي إحتلتها أو تلك التي لاتزال محتلة خارج الخط الأخضر وماقبل حدود 4 حزيران. ربما لايختلف منصور عباس عن مواطنه الفلسطيني الآخر الراحل محمود درويش. فدرويش الذي حمل لقب "شاعر المقاومة الفلسطينية" بلا منازع وكاتب خطابات عرفات الأكثر ثورية, كان في الوقت نفسه عضوا في الحزب الشيوعي الإسرائيلي "راكاح" ويساريا للعظم. وقبل أن يخرج من أرضه المحتلة حاملا إياها بوصفها جواز سفره الوحيد كان يوقع يوميا أمام المخفر الإسرائيلي مخاطبا مأمور المخفر غاضبا "سجل أنا عربي".
بقي درويش منتميا لفلسطين أكثر من إنتمائه لحزب عابر للأوطان وهو ماجعله يكتب القصيدة الأكثر رفضا للصهاينة في الوجدان الفلسطيني والأكثر تجسيدا للتراجيدا الفلسطينية "عابرون في كلام عابر". بقيت المسافة بالنسبة لمحمود درويش عن فلسطين مسافة حلم. ومن أجل الحلم لم يضطر محمود درويش أن يكون بيضة قبان في معادلة لا وزن له فيها. لكن في مقابل ذلك هل نملك الحق في توصيف حالة منصور عباس.. أهو خائن أم واقعي أم مضطر أم بطل؟
توضيح خارج النص: منصور عباس هو الذي رجح كفة لابيد بينيت الأكثر تطرفا في تشكيل الحكومة الإسرائيلية على حساب نتنياهو المتطرف.
ـــــــــــ
https://telegram.me/buratha