🖋 قاسم سلمان العبودي ||
لاشك إطلاقاً إن الانتخابات الإيرانية منذ قيام الثورة الإسلامية الى اليوم تُعَدُّ أنموذجاً إسلامياً هو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط بأكملها ، فلا مزايدات سياسية تسقيطية لهذه الإنتخابات من أي طرف كان ، داخلياً أو خارجياً .
لذا نرى ان صعود هذه الشخصيات لخوض التجربة الإنتخابية هو عصارة الفكر الإسلامي الثوري التجديدي الذي أرسى دعائمه الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه . ربما ركزت بعض الشخصيات المرشحة على الجانب الإقتصادي ، كون الجمهورية تعيش حالة حصار خانق من قبل الدول الغربية ،بضغط كبير من واشنطن، التي تحرك سياستها الخارجية اللوبيات اليهودية التي تكن العداء المطلق للجمهورية ورجالاتها . لكن يخطئ مَنْ يتصور أن المرشحين ركزوا فقط على هذا الملف الكبير والخطير ، بل على العكس لم يغفل جميع المرشحين الملفات الدولية والإقليمية الأخرى، وخصوصاً تلك الملفات التي تمس محور المقاومة الذي توليه طهران اهتماماً بالغاً .ان رهان الدول الغربية والإقليمية على صعود اليمين المعتدل ( كما يحلو لهم تسميته ) باعتقادهم انه سوف يجعل إيران تقدم بعض التنازلات للغرب على حساب القضايا المصيرية ، وهم واهمون وهماً كبيراً، للأسباب التالية .
أولاً . إيران دولة مؤسسات دستورية تخضع لولاية الفقية المباركة التي أرست دعائم الإسلام المحمدي الأصيل على مدى أربعين سنة أو أكثر، وسط عواصف تآمرية كبيرة جداً ، وقد خرجت من تلك المؤامرات أصلب عوداً .
ثانياً . إن بناء المجتمع الإيراني كان وفق النظرية الإسلامية الواضحة التي تفتقدها أغلب الدول الإقليمية المجاورة لإيران ، ما أعطى تماسكاً واضحاً للجبهة الداخلية التي أثبتت رصانتها، رغم الحصار الجائر الذي تعرض له الشعب الإيراني المسلم ، الذي طوع الحصار الى منجزات علمية ، وقدرات عسكرية أذهلت العالم بإسره .
مما تقدم نخلص لنتيجة واحدة ، هي صعود أي مرشح الى رئاسة الجمهورية سيجد نفسه محاطاً بحزمة دستورية رصينة لن تسمح له بالتجاوز على الثوابت الإسلامية التي من أجلها أعطى الشعب الإيراني ملايين الشهداء ، ولازال .ان
إجراء الإنتخابات في موعدها الدستوري ، هو رسالة واضحة المعالم الى دول المنطقة جميعها ، والعالم بأسره ، بأن الإسلام السياسي أرقى نظام ديمقراطي في العالم ، ولن تتغير ثوابته برحيل رئيس ومجيء آخر .
إن تنامي القوة العسكرية الإيرانية أغاض الغرب وجميع أدواتها في الشرق الأوسط ، وعلى رأسها السعودية التي فشلت بتسويق سلطتها على أنها المدافع عن الإسلام ، وذلك من خلال بروز الإسلام المحمدي الأصيل في التجربة الإيرانية التي عرت الإدعاءات السعودية برعايتها للإسلام ، لذا دائماً نرى ونسمع الأمنيات السعودية بسقوط التجربة الإيرانية ، والأمنيات غير متحققة .
ان بوصلة الاستطلاعات تشير الى تقدم السيد رئيسي على من سواه ، وهو ابن الثورة الإسلامية البار ، ويشير ذلك بوضوح الى إن روح الإمام الخميني ( قدس سره ) مازالت حاضرة في الوجدان الشعبي الإيراني الذي دافع عن جبهته الداخلية بضراوة ، رغم التحديات . إن من لايميز بين صندق الإقتراع وصندوق الفاكهة ( بحسب وصف السيد الخامنه آي ) لن يحق له التقول أو إبداء الرأي في تجربة هي الأبعد عن الشعب السعودي الذي لم يمارس الديمقراطية والانتخاب عبر التأريخ ، إلّا في تجربة واحدة فقط، يوم انتخبوا مِنْ كل قبيلة رجلاً لإغتيال النبي الأكرم صلى الله عليه وآله .
نعتقد إن الثوابت الدستورية ستكون ملزمة لأي رئيس قادم بغض النظر عن انتمائه الحزبي ، ونعتقد أن سياسة إيران الخارجية لن تتأثر كثيراً بالقادم من المرشحين ، وخير دليل عندما وصل الرئيس محمد خاتمي الذي، سمّى نفسه حينها بالإصلاحي، ولم يوفق بخرق النظام الدستوري الإسلامي الإيراني رغم الدعم الخارجي من دوائر الإستكبار العالمي وأدواته الإقليمية .
https://telegram.me/buratha