حسين فلسطين ||
نتيجة فشل المشروع الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط سعّت إدارة البيت الأبيض للبحث عن "بديل حربي" يعوّض خسائرها الثقيلة على المستويين العسكري والأمني في المنطقة ، إذ لم تعد الصورة العسكرية للولايات المتحدة الامريكية وحليفها الكيان الصهيوني على ما هي عليه خصوصاً في العقد الأخير ، فتكرار هزائمها في العراق وسوريا ولبنان واليمن وإيران وفلسطين حطمت فعلياً أسطورة خضوع العالم للحاكمية الأمريكية كونها تتمتع ومحورها بقدرات وامكانيات عسكرية وتكنلوجيه خيالية تفوق بسنوات ضوئية قدرة المناوئين لمشروعها التوسعي القائم على نهب ثروات الشعوب وأشاعة الفوضى والارهاب في بلدانهم .
لم تسجل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ايّ انتصار يذكر على الرغم من تعدد صور وأشكال المعركة ، فالتدخل الأمريكي المباشر جعلها في عنق زجاج المقاومة وذات النتائج تكررت مع تبنيها تنظيم وتغذية فلول الأجهزة القمعية لانظمة بائدة أبرزها نظام حزب البعث ودمجهم مع حركات سلفية إرهابية لإنتاج تنظيمات إرهابية حملت أسماء وعنواين مختلفة أبرزها الجيش الإسلامي ، جيش المجاهدين ، تنظيم طالبان والقاعدة وجبهة النصرة وأخيراً داعش ، وكل تلك التنظيمات خسرت في جميع نزالاتها مع محور المقاومة الذي تتبناه الشقيقتين قم والنجف .
أن الفشل الأمريكي المزمن في المنطقة والعالم اتضحت صوره مع الهزيمة النكراء التي منيّ بها الكيان السعودي الوهابي وسلطات الاحتلال الإسرائيلية ، فهزيمة داعش في العراق وسوريا سبقت انتصار الحوثيين الذي عزز بتقدم آخر رفع راية الانتصار في الأراضي الفلسطينية المحتلة تحت مسمى معركة "سيف القدس" التي احرقت صورة الكيان الإسرائيلي في الداخل والخارج ، فنمظومة الصواريخ الإيرانية التي دمرت كبرى قواعد الاحتلال الأمريكي كان لها الأثر البالغ في حسم معركة الفلسطينيين مع العدو الصهيوني.
هذه الهزائم دفعت بأمريكا وحلفائها لاتخاذ تدابير وقائية كمحاولة فاشلة لترميم صورتها المحطمة لذلك فإن اللجوء إلى إشعال حرب سيبرانية مع محور المقاومة مرحلة من مراحل الاحتضار الأمريكي ، ويشير مفهوم الحرب السيبرانية أو الإلكترونية الذي ظهر بداية تسعينيات القرن الماضي إلى عملية اختراق البنية المعلوماتية لأطراف الحرب وما يرتبط بهما من شبكات و ذلك لألحاق الخلل وتعطيل أو إفساد شبكات الاتصال و حجبها عن المتلقي ، مما يترتب عليه التأثير على تدفق المعلومات بين وحدات الشبكات التي تعتمد عليها في أداء عملها. فالاستهداف السيبراني يتجاوز حدود التأثير على الانظمة المصرفية والتعليمية والبحثية ، كذلك فإن التأثير يشمل القطاعات الخدمية ، في الوقت الذي تشمل فيه الحروب السيبرانية قطاعات مهمة اخرى كما هو الحال في المجال السياسي (التأثير في الانتخابات واتجاهات الناخبين) !
ان قرار وزارة العدل الأمريكية القاضي بحجب مواقع قنوات دينية شيعية أغلب محتواها إرشادات دينية لمراجع دين شيعة خطوة من خطوات نشوب حرب سيبرانية أمريكية محكومة بالفشل مقدماً ، كون الامريكان اعترفوا وبصريح العبارة أن سبب إغلاق هذه المنصات هو التدخل الإيراني في الانتخابات الأمريكية و التأثير في نتائجها وهذا ما يؤكد قدرة ايران في إدارة الحروب الإلكترونية ، على الرغم من عدم رغبة ايران في إعلان انتصاراتها في هذا المجال خصوصاً مع استعراض بسيط لبعض الحروب السيبرانية التي نجحت من خلالها الجمهورية الإسلامية ومحور المقاومة في تسجيل نتائج اذهلت وارعبت المحور الأمريكي الصهيوني ، فالهجوم الذي تعرضت له شركة أرامكو السعودية الذي ترتب عليه محو بيانات ما يقرب من (٣٠) ألف حاسب آلي، سبقه هجوم استهدف القطاع المالي في الولايات المتحدة عام ٢٠١٢ ، حتى وصل بطهران أن تعطل حسابات لعب القمار في مدينة لاس فيجاس عام ٢٠١٤ ، كذلك احتلال وتعطيل حسابات شخصية ومواقع تواصل اجتماعي لعدد من المسئولين الأمريكيين بعد اجتياح داعش لسوريا والعراق !
أن الخطوة الأمريكية المتضمنة إغلاق منصات إعلامية لقنوات دينية شيعية مهما كان تأثيرها فهي لا تشكل شيئ أمام الهجوم الايراني على بعض خطوط توزيع الغاز والكهرباء عامي ٢٠١٣ و ٢٠١٩ في مدينة نيويورك ، وهو ما يدل على أن امريكا بدأت بمعركة خاسرة سلفاً فنوع الهجمات وكمّها يفوق "بدائيات" الإجراءات الأمريكية المتخبطة التي قد لا تختلف في مضمونها وأساليبها عن حروبها العسكرية الفاشلة التي اغرقتها و اذرعها في بحر المقاومة الهائج
https://telegram.me/buratha