عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
مرّت العلاقات العربية، بمنعطفات، صعبة ومعقدة في مراحل مختلفة، ادّت الى حدوث القطيعة، في بعض الاحيان، بين هذا البلد وذاك البلد، وذلك نتيجة غياب الرؤية الناضجة لطبيعة تلك العلاقات، وما ينبغي ان تكون عليه، ومن دون الاستفادة من التجارب العالمية في هذا المحال ومنها تجربة الاتحاد الاوربي،
وفي ظل هذا المشهد العربي، الممهور بالتشاحن، يظهر في نهاية النفق، ضوء مايلبث ان يقترب رويدا رويدا، اذ تتفق ثلاثة بلدان ذات اهمية اقتصادية وديموغرافية، وسياسية، على المضي قدما في تشكيل اول نواة من نوعها لمحور عربي جديد، عنوانه تشابك المصالح، هذه البلدان هي العراق، ومصر والاردن، فالعراق معروف بقدراته الاقتصادية، وموقعه الجيوسياسي الفعال، وامكاناته البشرية الخلّاقة، وعندما نتحول الى مصر، نجد ثقلها السكاني وموقعها المؤثر بين قارتي اسيا وافريقيا، ومدى تأثيرها في القرار العربي، كما انها حققت طفرات مهمة في الكثير من المجالات التي يمكن للعراق الاستفادة منها، واذا تحدثنا عن الاردن، فهي الاخرى تتوافر على الموقع الجغرافي، الحيوي، وبامكانها ان تكون حلقة وصل مهمة بين العراق ومصر، فضلا عن ذلك فهي تعد بيئة آمنة للاستثمار، ويمكن ان تمثل دعما لوجستيا للاستثمار في العراق.
وفق هذه الرؤية، جاء الاعلان عن تشكيل مجلس التنسيق العراقي- المصري- الاردني المشترك، قبل سنتين، وواصل هذا المجلس اعماله، وقطع شوطا مهما باتجاه تعزيز العلاقات، القائمة على تشابك المصالح، وخدمة شعوب البلدان الثلاثة، على امل ان يشجع هذا التشابك المصلحي بلدانا عربية اخرى على الانضمام اليه، وهذا الامر سيكون متوقعا، مع التقدم الكبير للعلاقات بين العراق ومصر والاردن، لاسيما مع احتضان بغداد للقمة الثلاثية الرابعة، هذه القمة التي تأجل انعقادها اكثر من مرة، بسبب ظروف قاهرة، في القاهرة او في عمان او ببغداد، ولكنها في نهاية المطاف، تحققت، وحضر الزعماء الى بغداد..
وثمة ملفات في غاية الاهمية ينتظر الجميع ان تقرّها هذه القمة، شديدة الاهمية، فهناك ملف الربط الكهربائي، وحاجة العراق الكبيرة للطاقة، ومثله ملف الانبوب النفطي، من البصرة وصولا الى العقبة، وما يمثله هذا المشروع من قيمة اقتصادية مهمة، فضلا عن ملفات اخرى فائقة الاهمية، من بينها ملف الاسكان، ودور الشركات المصرية في انشاء المجمعات السكنية والجسور، وتأهيل المصانع العراقية، وكذلك ملف التعاون المشترك في مجال النقل، اذ من المتوقع ان يتفق الزعماء الثلاثة، على اطلاق العمل بمشروع النقل البري للمسافرين، وتوحيد التعرفة بما لايتجاوز الثلاثين دولارا للشخص الواحد، وهناك تعاون ايضا في المجال الزراعي، والصناعي والتجاري، والاستثماري، وانشاء المدينة الاقتصادية المشتركة بين العراق والاردن.
ملفات كثيرة موضوعة على طاولة القمة الثلاثية العراقية- المصرية- الاردنية، وهناك ترقب وانتظار من قبل شعوب البلدان الثلاثة، وباقي دول المنطقة، لمعرفة ما هي النتائج التي ستتمخض عن هذه القمة شديدة الاهمية.
https://telegram.me/buratha