حمزة مصطفى ||
قالوا كثيرا في اللسان بدء من العبارة الشهيرة "لسانك حصانك" الى قائمة تكاد لاتحصى ولاتعد من الأمثال والحكم والأقوال والأشعار. العم غوغل جاهز لتلقي طلباتنا بهذا الخصوص. فبمجرد أن تكتب مفردة "لسان" تأتيك رحمة الله من أقوال وحكم وعبارات عن كيفية تحصين اللسان أو لجمه أو وضع حد لتهوره أو إنفلاته خصوصا في التصريحات السياسية التي صارت مودة من حيث الإنفلات والإنفلات المضاد. النبي محمد (ص) يقول "المرء بأصغريه قلبه ولسانه". ومن مشهور أمثال العرب إنه حين ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفدت اليه وفود الأمصار لتهنئته. ومن بين أحد الوفود تقدم شاب حديث السن ليتكلم فقال له الخليفة "لينطق من هو أسن منك". فقال الشاب الصغير للخليفة "أصلح الله أمير المؤمنين, إنما المرء بأصغريه, قلبه ولسانه, فإذا منح الله عبدا لسانا لافظا, وقلبا حافظا, إستحق الكلام" الى آخر الحكاية التراثية التي لا أعرف إن كانت صحيحة أم منتحلة مثل الغالبية العظمى من تراثنا. مع ذلك فهي حكاية لاتخلو من دلالة عسى ولعل أن يستفيد منها مطلقو التصريحات المنفتلة التي ستبقى تلاحقهم كونهم ولدوا في زمن لايرحم هو زمن السوشيال ميديا الذي "ماعنده صاحب صديق".
قول آخر ينسب للإمام علي بن أبي طالب (ع) وهو "ياليت لي رقبة كرقبة البعير كي أزن الكلام"قناعتي الشخصية إنه منحول ولا صحة له. لكن العقل الجمعي ومن باب ميله الى التأني وعدم التورط في أقوال أو أحكام أو عبارات يمكن أن تحسب على المرء نسب هذا القول الى من عرف بالحكمة والروية والروع والبلاغة من باب أن عليا يقول ذلك وهو ماهو لغة ومنطقا وحكمة وورعا فكيف بباقي الناس. مشكلة اللسان المنفلت الآن لم تعد كما كانت في الماضي. صحيح إنها كنت تشتهر أيضا بما يتراوح بين بـ " زلات اللسان" المسموح بها الى حد معين, وبين ماتوقع صاحبها في "ورطة" أو حتى الى "لزكة" في تاريخه دونها كل "لزكات" المرحوم جونسون. لا أعرف أين ضرب الدهر بـ "لزكات" جونسون.
أعرف شخصا مسكينا قبل عصرنا الرقمي بعقود حصلت له مناسبة "سعيدة" وحين سئل عن النتائج قال "والله أشو من أين ما أجيبها زلك" فأطلق عليه لقب "أبوزلك" وبقي هذا اللقب يلاحقه حتى مماته. ولو عاصر هذا الشخص عصر السوشيال ميديا لحصد ملايين لايكات الإعجاب لكن ليس على مقولته البايخة تلك بل على .. خيبته الأخرى.
https://telegram.me/buratha