منهل عبد الأمير المرشدي ||
لا يختلف إثنان على الإطار الإنساني لمهنة الطب لما تمتاز به مهمة الطبيب في التعامل المباشر مع حياة الإنسان والتخفيف عن آلامه واوجاعه وهو ما جعل الطبيب في كل بلدان العالم يحظى بالأولوية والريادة بين كل الوظائف بما تضفي عليه من الإحترام والإمتياز بسمو الأخلاق .
لا اريد ان اتحدث عما امتاز به العراق من عقول مبدعة وأطباء امتازوا بالمهارة والكفاءة والإنسانية والرحمة على حد سواء وهو ما يؤكده تواجد اعداد كبيرة من الأطباء العراقيين في موقع الريادة بدول اوربا وحيثما تكون .
أتحدث عن واقع مؤلم وحقائق يندى لها الجبين مما آل اليه الحال في عراق العجائب والغرائب.
لقد تحول الغالب الأعم من الأطباء الى خانة المتاجرة بالسحت الحرام على حساب المريض حيث تحولت العيادات الطبية والمستشفيات الأهلية الى دكاكين تجارية تبتز الفقراء بأسعار الفحص والدواء والمختبرات والعمليات الجراحية وغيرها .
صار لدينا مافيات للنصب والإحتيال من الاطباء وشركات الأدوية تماما كما هي مافيات الفساد من كبار السياسيين والمسؤولين وصغارهم .
الجانب الإنساني بكل مفرداته هو ما يميز الإنسان عن الحيوان ولا زلت اذكر ما شاهدته بعيني في أحد معامل الطابوق حين يدخل الحمار الى داخل الأفران ويتم تحميله بالطابوق ثم يستدير ويخرج من المعمل الى سيارة الحمل فيتم افراغه ويعود لوحده الى داخل الفرن ليتم تحميله من جديد وهكذا من دون مساعد او دليل رغم إن الحمار لا يملك عقلا لكنه يحفظ ما تم تكليفه به وهكذا فإن الطبيب الذي يتخرج ويكون طبيبا ويحفظ أسماء الأدوية والأمراض والمصطلحات الطبية من دون أن يؤطرها بالجوانب الإنسانية والأخلاقية والإعتبارية فهو لا يفرق عن ذلك الحمار الذي يحفظ طريق المعمل والشاحنة التي تحمل الطابوق .
نعم ومع كل احترامنا لقلة من الأولين وقليل من الآخرين من الأطباء العراقين الأفذاذ الذين يتواجدون في بلادنا وللأسف من دون تقييم فإن البعض من اولئك لا يرتقي الى الحمار الذي يقدم الخدمة من دون مقابل ولا مصلحة بينما هم مأزومين بسذاجة المشاعر وشهوة المال وحب الدنيا وهذا ما شاهدته في الكثير من الأطباء وآخرهم طبيب من أقاربي في محافظة بابل التي تابعت فيها رقود إبن عمي لإصابته بفايروس كورونا حيث وجدت طبيبنا خال من المشاعر الإنسانية ونخوة الرجولة والغيرة او الأخلاق التي تربينا عليها رغم ما يبدوا عليه من التزام ديني مفهوما بالمقلوب !!!.
لا يفوتني أن انقل الوضع المأساوي للشأن الصحي في العراق وخصوصا مستشفيات الوسط والجنوب وما رأيته في مستشفى مرجان بمدينة الحلة على وجه الخصوص حيث تخلوا الردهات من المستلزمات الضرورية وغياب تام للأدوية كما تخلوا من الأطباء الإختصاص والثقل كله طوال الليل على اطباء مقيمين مستجدين لا حول لهم ولا قوة .
اخيرا وليس آخرا اقول عذرا للحمار الذي قارنته بطبيب يخلوا من انسانية الإنسان ورجولة الرجال .وكل إحترام واجلال لأطبائنا الاساتذة الذين امسوا كعملة صعبة من دون ان نحافظ عليهم .
https://telegram.me/buratha