المقالات

انقلاب ١٤ تموز جحيم العراق


 

محمد هاشم الحچامي ||

 

كان العهد الملكي عهد مليئ بالمظالم والمفاسد والمحسوبية وسيطرة النافذين وتسلط العوائل وتوريث المكانة الاجتماعية والسياسية ؛ فهو عهد كانت الغلبة فيه سياسياً للضباط الشريفيين الذين جاءوا مع الملك المستورد من الحجاز فيصل بن الحسين ، واذرعهم المشايخ والاقطاعيون الذين تسلطوا على رقاب العشائر والتي كانت السواد الأكبر لسكان العراق .

فالجوع والحرمان وسلب الأراضي وتسجيلها بإسم النافذين رافقت العهد الملكي حتى منتصفه وخلفت وتوقفت في النصف الأخير منه ؛ فقد سجلت الاراضي بأسماء رجال السلطة والقريبين منهم فمثلا أراضي البغيلة وهي التي تسمى حاليا بالنعمانية سجلت باسم الأمير زيد اخو الملك فيصل الاول وهي عشرون ألف دونم تملكها عشيرتي حجام والجلبيين منذ العهد العثماني فأصبحوا فلاحين بعدما كانوا ملاكا !!! .

وقد أطلقت يد الاقطاعيين دون رحمة فسلبوا ونهبوا واستولوا على غالب الأراضي التي كان يملك الفلاحون بالقانون أو بالتحايل والخديعة ، ذكر لي أحد الأشخاص أن الاقطاعي بعث رجاله لأبيه فلم يجدوا سوى اللحاف وهو الذين تسميه المتعلمات اليوم بالديباج فأخذوه منا واضطرت أمي أن تغطينا بكارة البوه وهو سيقان الشلب ، وآخر ذكر أنه لم يشبع قط ايام العهد الملكي وثالث ذكر قصة بيع أمه لذهبها لتسديد الميري بوساطة ابن عمه وكيل المرجع الديني في زمانه وهكذا تتعدد القصص المأساوية .

لكن ما فتحه انقلاب ١٤ تموز كان الجحيم حقاً ؛ فسيطر العسكر على الحكم وهو كل مؤهلات ضباطه القدرة على إيقاف الجنود في العرضات ومعرفة قوانين المسير والحرب وانواع الدبابات والطائرات في أفضل تقدير !! .

نعم التغيير كان مطلوبا ولكن ليس بهذا الشكل حيث تم حرق المراحل فحرق العراق بها ، لتغيير هذا الواقع ظرورة لكن الذي حصل فتح باب المغامرات والعسكرة والعنتريات والحروب والقتل المنظم والمعشوائي والسحل والتخوين والتهجير الواسع وإن كان العهد الملكي قد مارسه بشكل ضيف فأصبح العراق حمام دم منذ ذلك التأريخ وإلى اليوم .

ماكان ليحكم العراق أشخاص من أمثال عبدالكريم قاسم أو عبدالسلام عارف أو أحمد حسن البكر أو صدام حسين وغيرهم وخلفهم إمعات وجلادون ومجرمون لولا هذا الانقلاب المشؤوم ، لقد قتل العراقيون سرا وعلانية وجاعوا وتوزعوا في البلدان وخرب بلدهم وتأخر بكل شيء وأصبح في ذيل الأمم ؛ فهو أسوأ مكان للعيش وجوازه في نهاية القائمة وخدماته من أضعف الخدمات وفوق كل هذا فالموت فيه بازار مفتوح فالدم ارخص من نفطه ودموع الأمهات أكثر من نهريه ، لأكثر من ستين سنة العراق ساحة حرب وصراع وكبش فداء للدفاع عن البوابة الشرقية أو دفاعا عن عروش باسم الطائفية أو سلب أموالهم وتوزيعها على ربوع المعمورة باسم القومية والعروبة فالعراقي يجوع ويشبع من خيراته غيره وهو يموت لتتنعم شعوب أخرى بالعيش الرغيد وهو يفقد الامان ليعيش الخليجي وغيره آمنا مستقرا فرجاله يساقون إلى الجبهات ليعودوا جثثا هامدة فتصبح المقبرة مزارا في كل عيد لأمهات وزوجات ثكالى ويسافر الخليجي وغيره بصحبة زوجته إلى لندن وباريس ليستمتع بجمال الطبيعة والعمران ، ومازال العراقيون إلى اليوم يدفعون ثمنا باهضا لتلك المغامرة الصبيانية التي قام بها مراهقو العسكر .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
ابو سليم
2021-07-15
هذه الثورة الكشرة لن يجني منها العراق والعراقين سوى الماسي والتيه والعبث ووصول المجرمين الى سدة الحكم بابشع الصور والسلوكيات وكل هذا كان تحت تخطيط غربي صهيوني مجرم ومحكم لان جرجر اذله العراق وادمى انفه حسب ما ذكره جرجل في مذكراته المدونة
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك