المقالات

العبودية وتجارة الرقيق في  العراق الجزء الثاني( المحاضرون وأصحاب العقود)

1442 2021-07-16

  د.أمل الأسدي ||

 

الأرض ترتجف،بغداد تموج بالمسلحين،حالة تأهب قصوی، يقولون إنه يوم (الممارسة)استعدادا للتهديدات الأمريكية، كان يوما مخيفا، الناس تمشي بلا عقل، فالخوف يحيط بها من كل جانب، وهذه سيارات الفدائيين بزيهم الأسود المخيف تقف قرب المدارس، وبين المنازل، وهذا الرجل المسن يقول: سترك ربي راح تصير حرب شوارع!! يوم واحد بعد يوم الممارسة وسمعنا دوي  القصف!! سقط النظام،وفرّ البعثية، كنا نتطلع من الأبواب،هل ذهب البعثية فعلا؟ هل تركوا أماكنهم؟ بدت السماء واسعة، وارتفعت قليلا،فلم تعد تضغط علی أحشائنا، البشری البشری!! اقتحم الناس بعض المدارس التي نُقِلَت إليها ملفات الأمن العامة،والكل يبحث عن الحقيقة،الكل يبحث عن إضبارة شهيده!!  ومازالت صورة هذه المرأة التي عثروا علی إضبارة ابنها الشهيد تمشي لوحدها وتصرخ: يمة ليش كتبت علی وليدي،مو انت صديقه؟مو چنت اصب لكم الاكل سوا؟ تقارير وملفات ومتابعات وأسرار كثيرة كُشفت!!    انتهی عصر الحرمان،لاجوع بعد اليوم، غرقت الأسواق بالبضائع،الفواكه والكولا والملابس والسيارات الحديثة،وأخيرا تحررنا، وأخيرا نری من عذبنا خلف القضبان!!  الشهادة لها ثقلها الآن،الرواتب المرتفعة أعادت كرامة الأستاذ الذي ضغط الجوع علی أضلاعه!! القبول في الدراسات العليا متاح الآن،فلا موافقات أمنية تعيقه،وانتعش القطاع الخاص فتم افتتاح الكليات والجامعات الأهلية،بعد كل هذا أين سنجد العبيد؟وأين سنجد سوق الرقيق بحلته الجديدة؟ إنهم أصحاب الشهادات العليا،الذين سهروا الليالي،أتعبتهم الأيام وامتصت ضحكاتهم،هولاء عبيد العصر  الجديد،فالأساتذة الذين رسخوا في الوزراة والجامعات لا أحد يهدد مكانتهم،ورواتبهم المليونية باقية،لا أحد يمسها،والأستاذ الذي يحال علی التقاعد يجد الكلية الأهلية بانتظاره، فالظلم صارت له قوانين وتشريعات،ولابد أن تُحْبَكَ حبكةً تامة!! والانفتاح علی العالم والانترنت يحتاج الی طاقات شابة،فالشباب يجيدون استعمال الانترنت بينما الأجيال السابقة لايتمكن أغلبهم من فتح بريد الكتروني،ولاسيما التخصصات الإنسانية!! إذن ما الحل؟هل يُفسح المجال للشباب؟ كلا ستُبتَكر وسائل جديدة،  لابد من تحويل أصحاب الشهادات العليا من الشباب (من نهاية السبعينات الی بداية التسعينات) تحويلهم الی جيوش من العبيد!! يعملون محاضرين بالمجان،يُستغَلون أبشع استغلال، تُلقی علی عاتقهم المسؤوليات وغيرهم تعب من الراحة!! غيرهم يتسلم راتبه ثابتا كل شهر،ومع ذلك يحرض الطلبة علی الدولة وعلی الحكومة!! غيرهم يشطب يومه ولايدري ماذا يجري حوله،فالشباب يتكفلون بكل شيء!! أما هم فيعملون لهذه الدولة بثمن بخس حقير!! تخيل أن مجهود عام كامل من المحاضرات والتدريس هو 1.250,000 مليون وربع!! يتسلمها بعد مضي العام ونصفه!! وهذا المبلغ لايساوي راتب شهر واحد  لتدريسي علی الملاك!! وهذه مصيبة كبيرة،فحتی الرقيق كانوا يحصلون علی قوتهم اليومي والمأوی والكسوة!!  أغلب الأحزاب تمتلك جامعات أهلية،والتي لاتعود إلی حزب فيدعمها حزب!! والأستاذ الذي تعب علی نفسه يتحكم به مستمثر صارت له امبراطورية  علی حساب هذا الأستاذ الشاب!! يقطع راتبه متی ما شاء، يهدده بالفصل متی ما شاء، يجعله يعمل في أي مجال ولن يعترض،فمن سيسمع اعتراضه مثلا؟ الأستاذ الشاب يدرّس،إداري،مراقب،لجنة امتحانية، محاسب يتابع أقساط الطلبة،متابع.. وإذا شكا قال له المستثمر: فايلات الأساتذة مكدسة عندي،فإن لم يرق لك فغادر!! التدريسي( المحاضر،صاحب العقد، التدريسي في الجامعات الأهلية) لايمتلك الحق في الضمان الاجتماعي؛لأن القرارات واللجان الجرارة وظيفتها سن القوانين كي تبقی في حيزها الورقي،فأغلب الكليات الأهلية تمتنع عن تسديد مبالغ الضمان الاجتماعي؛لذا ضاعت سنوات الخدمة سدی!!  والآن،برأيكم لماذا لا توضع خطة للدراسات العليا فيتم غلقها مؤقتا؟ لماذا لا يتم تعيين المتخرجين ثم يعاد فتحها؟ لماذا يفتحون الدراسات العليا كل عام؟ إنها مصدر يدر عليهم،ينتج العبيد  المتخصصين!! المحاضر بعقد، ذلك المسكين،الذي يقضي سنوات في العمل والخدمة، من دون استحقاق في الأغلب!!  يقال: إنه مرتبط بعقد،وهو محاضر،محاضرات بثمن بخس!! تخيلوا: إنهم يحرمونه من حقه في الترقية العلمية!!! قلتُ لكم إن الظلم له قوانين وتشريعات تطبق علی الفقراء وحسب!! قوافل من العبيد الجدد بلغوا اليأس، فمن سينقذهم؟ هل سيأتي (عبد الكريم قاسم) ويقوم بتأميم التعليم؟ هل سيأتي( قاسم).ليعيد توزيع الثروة،ويعيد توزيع سلم الرواتب؟ هل سيأتي من يخير المتقاعد بين راتبه التقاعدي وراتب الكلية الأهلية؟ ما أجملك أيها العراق،فالعبيد فيك متخصصون!! تطورتَ كثيرا،إنه نصر كبير!! هل  يوجد في العراق وزير أو رئيس جامعة... يعرف علي بن أبي طالب؟ هل تابع رؤساء الجامعات أصحابَ العقود واطلع علی مظلوميتهم؟ ففي العراق تُصنع من الحلول مشكلات!! هل يستطيع المسؤول أن يعمل  بالمجان ولو لشهر واحد؟!وليس سنوات!! هل يعلم الناس أن في العراق  معاملات الترقية مدتها أكثر من مدة استحصال الدكتوراه؟ وأحيانا تكون خلال بضعة شهور فقط، لمن رضيت عنه شياطين الإنس والجن!!  لماذا لايطبقون لوائح الترقية علی ألقابهم العلمية التي استحصلوها بسهولة ويسر لايُصدَّق؟!! في ذلك  الزمن الذي لايوجد فيه استلال ولاانترنت ولاسكوباس ولا قوانين مُعرقِلة!!   أصحاب الشهادات العليا،يضربون ويهانون،ويرشون بالماء الحار،حتی صارت مظلمويتهم جمرة كادت أن تفجر ثورة عارمة،لولا أنها سُرقت!!  سُرقت وأخذها بنو عفلق وسام وصهيون،حولوها الی حرب قومية،ليس لها علاقة بأصحاب الحق، حرب المصالح والغنائم،فركبوا موجتها،وصعدوا،وتسلموا،وتسّيد الصبية،وظلت جموع العبيد من أصحاب الشهادات تقف في الشمس!! كان العبيد يقفون عراة في السابق،فينادی عليهم: هذه جميلة وفاتنة،وهذا قوي مفتول العضلات، وكانوا أفارقة من ذوي البشرة السوداء، أما الآن فيقفون في الشمس وملفاتهم بأيديهم،أما الآن فهم أبناء الأرض،رضعوا همومها،وشربوا نيرانها!! عبيد بمنتهی الجمال،يقفون مطالبين بحقوقهم،فيضربونهم بالعصي، وتركض المرأة العراقية فتتعثر وتسقط علی وجهها!! والغريب أن المطبلين والمطبلات، والفضائيات، والصفحات تصمت صمتا عجيبا!! أين اختفت أصواتهم؟ من يحرك هذا العالم؟ عبيدٌ تُغلق الأبواب في وجوههم،كل الحلول موصدة،(ماكو ميزانية،ماكو تمويل،ماكو ماكو) بينما يصنعون من جلودهم التي أحرقها الانتظار صكوكا بالمليارات، تعرف طريقها جيدا،فلاتسير إلا نحو الجبال! أرأيت ياعلي، صار للظلم قانون،وصارت له شرعة!! آه ياعلي، كنتَ تدس رأسك في فوهة البئر وتشكو غربتك ولوعتك!!  أما الآن فيدس المحرمون والمظلمون رؤوسهم في  ضريحك ويصرخون!!  أرأيت ياسيدي؟ إلی الآن تشرب همومنا وتتحملها!! فأنت أبونا العادل،ولا نجد أحدا غيرك نشكو إليه حالنا!! تُری هل سنشهد يوما يشبه أيامك؟ أعمارنا احترقت وعيوننا معلقة علی النوافذ!!  ومادمت حيا ولانشعر بك ياسدي،إذن سنضع شكوانا بين يديك، وأنت أقضی الناس وأعدلهم،فجرّد قلمك  أو أشهر سيفك،فلا ناصر سواك،ولامنصف عداك!!  ملحوظة: هذا المقال يشخص ظاهرةً ومشكلة طافية علی السطح، مع محبتنا لكل المخلصين الموقرين من الأساتذة الأجلاء.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك