المقالات

الاختلافات السياسية وحكايات الكوابح


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

قبل الاطاحة بالنظام البعثي في 2003 كان لدى العراقيين آمال واحلام كبيرة في إحداث تغيير جوهري في حياتهم بعد ثلاثة عقود ونصف من الاستبداد. لكن في السنوات التي تلت ذلك التاريخ واستلام المسميات من الأحزاب الحالية زمام الحكم والقيادة ، لم يتحقق أي شيئ من هذه التوقعات،و تفاقم فشل الحكم هذا بسبب الافتقار إلى المؤسسات الفعالة و النزيهة التي لم تعترف بعضها حتى بشرعية النظام الجديد ، بنيت معظم مؤسسات الدولة العراقية بالأصل لخدمة نظام مختلف كليًا عن النظام الدستوري الفيدرالي الديمقراطي الذي كان من المفترض أن يتم إنشاؤه بعد استفتاء عام 2005, وظلت بيروقراطية مليئة بالمسؤولين الموالين للنظام السابق تقود مؤسسات الدولة . الأزمة في النظام السياسي الحالي تحول دون استقراره وتعريف مصالحه والقيام بوظائفه كنظام سياسي فعال يخدم مصالح الشعب ، فمن الأساسيات المفترضة للنظم السياسية العامه، وجوب امتلاكه لأدوات تضمن له التكيف مع المواقف الطارئة، وتمكنها من إيجاد الحلول الناجعة لمواجهة تلك المواقف، وتمنح النظام القدرة على الإستمرار، ومنع أي تداعيات من إرباك النظام وفاعليه الرئيسيين. ومن بديهيات النظم أن الأعراف السياسية والدساتير والقوانين النافذة والهياكل المؤسساتية والسلطات هي الكوابح الرئيسية لمنع تصدع النظام. من المؤسف ظهر استبداد الأحزاب بشكل مطلق كواحد من أخطر أنواع الاستبداد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تاريخ العراق المعاصر. هكذا تجاهل النظام السياسي مفهوم حيادية المؤسسات في الأنظمة الديمقراطية، حيث تكون الدولة محايدة بين جميع الطبقات، والأديان، والمذاهب، والأعراق، والقوميات، والثقافات، والعشائر، وعدم التدخل في شؤون الأحزاب السياسية، وضمان العدالة في المشاركة وفي الحق باختيار الاتجاهات السياسية والفكرية ضمن دولة مدنية ديمقراطية.

لقد اعتادت الكتل السياسية على تشكيل حكومات توافقية من تحالفات مختلفة ومتقاطعة في كثير من الأحيان تتجنب هذه الحكومات الائتلافية الصراعات الصفرية التي من شأنها أن تعرض بقاءها السياسي للخطر إذا كانت ستعارض إرادة الكتل السياسية الكبيرة من خلال تنفيذ أي إصلاحات جذرية حقيقية قد تضر بمصالحها. لذلك ، ركزت معظم هذه الإدارات ، على قرارات صياغة قرارات لا تؤثر على المصالح الأساسية للكتل السياسية الرئيسية - وبالتالي فإن أي إصلاحات تم اتباعها كانت بعيدة كل البعد عن كونها جوهرية وأساسية. أن اي نجاح الإصلاح الأساسي يعتمد على وجود حكومة فعالة ومتماسكة تدعمها كتلة برلمانية كبيرة وموحدة وهي ليست بتلك السهوة تحقيقها على المستوى القريب و تحتاج قرارات الإصلاح الصعبة أيضًا إلى دعم شعبي من الجمهور الذي يفهم ما هو على المحك.

ان استمرار حالة الانقسام السياسي بين الكيانات والاحزاب والتي تأخذ بالاشتداد  يوما بعد يوم في ظل التقرب من الانتخابات التي من المزمع ان تكون في الشهر العاشر من هذه السنة والاختلافات العنيفة التي أخذت تظهر للعلن بين حتى الطيف الواحد "خلافا محمد الحلبوسي وخميس الخنجر" لو صحت واحدة من اعنف الاختلافات الهابطة بين اخواننا السنة وكذلك الاطياف الاخرى الشيعي- الشيعي الكوردي- الكوردي والمسيحي -المسيحي التي لا تقل عنه في الضراوة  يدفع إلى تزايد الدور الخارجي والصراع بين القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في المشهد العراقي حول دعم الكتل الحليفة لها، وهو ما يغذي حالة الاستقطاب الداخلي بين الكتل والتحالفات السياسية ويؤدي إلى تعقيد الأزمة وانسداد حلولها وتصاعد الأمور في العراق، خاصة مع تزايد أعمال العنف و إشاعة الفوضى التي قد يستغلها تنظيم «داعش» الإرهابي في ممارسة أنشطته واستعادة نفوذه مرة أخرى و لا تُخفي حقيقة كونه يضرب الاستقرار ومفهوم الدولة ويُرهب المواطنين باختلاف مقاماتهم وانتماءاتهم ومعتقداتهم.

لاشك في الامكان بزوغ فجر الاصلاح وأهم خطوة في هذا الطريق؛ نبذ الظلم من الحاكم والمحكوم في وقت واحد و يعطى كل ذي حقٍ حقه، فانه يمثل استحقاق ثقافي ومعرفي في الوسط الاجتماعي، يتحول فيما بعد الى أرضية صالحة تضمن نسب معينة من العدل في الحكم ، يفرّج الهموم ويفكّ عقد الأزمات والبشارة قائمة بإمكانية تطبيق هذه القيمة السامية في الحكم، كما يمكن إيجاد المصاديق العملية للعدالة على صعيد المجتمع بتوفر القدرات الاستيعابية لتطبيق هذه القيمة في مختلف أشكال التعامل بين الأفراد والجماعات، وفي نفس الوقت تضييق مساحات الظلم ومكافحة الفيروسات المسببة لنشوء ومحاربة انتشار هذا المرض الاجتماعي والسياسي فيما بعد..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك