غدير التميمي ||
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)
قضية الغدير وتنصيب أمير المؤمنين (ع) ولياً على أمر الأمة الإسلامية من قبل النبي الأكرم (ص) قضية عظيمة وذات دلالات عميقة تدخّل فيها النبي الأكرم (ص) في إدارة المجتمع. معنى هذه الحادثة أن الإسلام يدرك أهمية مسألة إدارة المجتمع فلم يهملها أو يتعامل معها ببرود، و أن إدارة المجتمع في أكثر مسائله تأثيراً وتعيين أمير المؤمنين الذي هو تجسيد للتقوى والعلم والشجاعة والتضحية والعدل من بين أصحاب النبي يثبت أبعاد هذه الإدارة وبذلك يتضح أن هذه الأمور هي التي يجب توفرها في إدارة المجتمع.
أجمع كل فقهاء وعلماء المسلمين بمختلف مذاهبهم والمؤرخين بمختلف توجهاتهم ورواة الحديث النبوي بمختلف طبقاتهم على واقعة الغدير وخطبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع وذكروها بالإجماع واتفقوا على أن الإمام علي عليه السلام هو المقصود بتلك الخطبة دون غيره من البشر واختلف البعض في تفسير الخطبة هل جاءت بالوصية نصاً على خلافة علي عليه السلام لرسول الله وإدارة شؤون المسلمين من بعده أم هي وصية للحفاظ على موقعه السيادي في الإسلام ومنزلته العظيمة لدى رسول الله؟. ورغم ذلك شذ البعض وأطلق للسانه وقلمه العنان للتشكيك في حديث الغدير وتضعيفه بغية التشويش فيما أجمعت عليه الأمة، مُتذر عين بكثرة رواته وتعدُد طُرق تخريجه وهم قلة قليلة تكاد تكون منحصرة في الخوارج منهم ابن حزم الظاهري وابن تيمية الحراني، ومن بعدهم غُلاة علماء الوهابية، ومن قبلهم وظّف بني أمية كل مقومات وطاقات دولتهم لطمس ومحاربة مناقب أهل البيت عليهم السلام، وشراء ضِعاف النفوس من الرواة وعلماء الدين، ولم يدّخر هؤلاء تحت بريق المال والجاه والسلطان، وسيلة لاختلاق الأحاديث التي تنتقص من أهل البيت، وتحريف نصوص الكثير من الأحاديث الواردة عن النبي مما لا يتوافق مع هوى سلاطين بني أمية، ونسب بعضها الى غير ما قيلت فيه، وتأويل بعضها على غير ما قصده رسول الله، وهناك الكثير من العلماء الأحرار المعاصرين من غير الشيعة تحدثوا عن جِناية بني أمية ومن تلاهم من علماء الوهابية على التعاليم الإسلامية والأحاديث النبوية.
لو كانت الأمة الإسلامية قد وعت يومها عملية التنصيب التي بادر إليها النبي (ص) بمغزاها الحقيقي وأحسنت استيعابها واقتفت أثر عليّ بن أبي طالب (ع) وتواصلت التربية النبوية، وظلّل المعصومون من بعد أمير المؤمنين (ع) الأجيال البشرية المتعاقبة بظلال تربيتهم الإلهية بعيداً عن الهفوات كما صنع رسول الله (ص)، لأفلحت البشرية في بلوغ المستوى الذي عجزت عن بلوغه لحد الآن بسرعة فائقة، من تطور في العلم البشري وتسام ٍفي المراتب الروحية للإنسان، واستتباب للسلام والوئام بين الناس، وزوال للظلم والجور وانعدام الأمن والتمييز والحيف بين الناس.
https://telegram.me/buratha