المقالات

طلاء الأظافر الأحمر..!

1656 2021-08-17

  د.أمل الأسدي ||   من أيام والفضول يتلاعب بي، نفی كلَّ هدوئي وسكينتي، كلما وضعت رأسي علی الوسادة تفرُّ عيناي مني وتورثني السهر!! تری ماذا يفعل والدي منذ أيام؟ لماذا يدخل المطبخَ ويغلق الباب؟ قررتُ أن أعرف السر!  لابد من ذلك!! اليوم مساءً، بدأتُ أراقبه من ثقب الباب، رأيته يجلس، يستخرج صندوقا خشبيا من تحت (الكاونتر) وبجنبه جهاز المسجل، فأخرج مجموعة من (أشرطة الكاسيت) وأخذ يشغلها، ويقلبها علی الوجه الآخر ويشغلها أيضا!! وبعد أن ينتهي من الاستماع لكل شريط يقص ورقة بيضاء ويكتب عليها،ثم يلصقها بشريط شفاف!! وهكذا أكمل مجموعة من الأشرطة ثم أعادها في صندوق آخر، وغلفه بقطعة من (النايلون) السميك ودفعها تحت(الكاونتر)!! في صبيحة اليوم التالي ذهبت أمي الی السوق، ووالدي في عمله، وأختي تغط في نوم عميق، وأخي في المدرسة، إذن لأباشر حملة إرضاء الفضول! استخرجت الصندوق الأول، سحبت منه شريطا، شغلته، (صحنا بيك آمنا،ياحسين بضمايرنا) صوت قديم وحزين، اختنقت بعبرتي، أوقفت المسجل بسرعة، استخرجت( الكاسيت) لكن شريطه بقي عالقا داخل المسجل، اضطررت لقطعه، ثم أعدت كل شيء في مكانه، وبقيت أترقب، أفكر في اللحظة التي يكتشف فيها والدي الأمر!! عادت أمي من السوق، مازالت تنظر اليّ وكأنها تغوص خلف وجهي!! - علي شبيك؟ شو وجهك أصفر!! لم أستطع إخفاء الأمر عنها، بحت لها بكل شيء، قالت لي: إنها ستذهب عصرا لتشتري طلاء الاظافر وتصلح الشريط، وطلبت مني ألا أقحم نفسي في أمور أكبر مني!! خرجت وأنا منزعج من حكاية (أكبر مني) وهل قضية (الكاسيت وطلاء الأظافر ) أكبر مني؟!! طرقت باب بيت صديقي (ميثاق) وما إن خرج وسألني عن حالي أخبرته بالقصة كاملة، فدخل مسرعا الی بيته، وأتی لي بـ (طلاء أظافر أحمر) وقال لي:اذهب وصلِّح الموقف!! دخلتُ فرحا، أمي .. أمي.. هذا طلاء الأظافر!! لا أدري لماذا أمي خمشت خدها هكذا وقالت:(عزا العزاني، رحنا ابلوة)!! وبقيت توبخني وأمطرتني وابلا من الأسئلة:(مين جبته؟ شگتلهم؟ شحچيت لهم؟ خوما جبت طاري ابوك؟)!! من شدة خوفي وارتباكي، قلت لها كاذبا:  أنني أخبرتهم بأن أختي من طلبته!! حين عاد والدي عصرا لم تصمت أمي ولم تُخفِ عليه الأمر، ولم أسمع سوی كلمات والدي( بعده طفل ، هسة يكبر ويفتهم) ووقع الأقدام علی السلم،ولم أكف عن فضولي رحت أسترق السمع، فسمعت والدي يقول: (هنا محد يندلهن ابد) فعرفت أنه أخفی الصندوقين فوق!! الحمد لله، انتهی هذا اليوم العجيب، وإن كان القلق يسيطر علی والديّ، تناولنا العشاء وأبي يوصينا أن نكون بلا ألسنة!! يوصينا بالصمت كي نسلم!! لم أفهم كثيرا ما يقصده، لكني أتذكر كلماته جيدا!! جاء الليل، عمّ السكونُ بيتنا، ومثل كل يوم أيقظنا والدي فجرا للصلاة!! ومثل كل يوم نؤديها ونحن بعين واحدة، فالنعاس يمضغ الأخری!! أمي بعد الصلاة بدأت (تعجن) وأبي يريد النوم قليلا قبل أن يذهب الی عمله!! وضع رجله علی عتبة السلم الأولی ولم يستطع أن يرفع الثانية!! عصفٌ مباغت في منزلنا، ضابطان ومجموعة من الشرطة!! قلبوا البيت كله،لحظات وشاهدتهم يجرون أبي من ياقته ويحملون الصندوقين ومعهما طلاء الأظافر الأحمر!! بعدها كبرتُ جدا يا أبي!!
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك