المقالات

نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ أبداً/5/ ليلى وفقدان عزيز قلبها....

1211 2021-08-21

 

أمل هاني الياسري ||

 

ليس من باب الصدفة أبداً رؤية الضياء، الذي ينبعث من وجه علي الأكبر، إبن الإمام الحسين (عليه السلام)، يوم عاشوراء كان ساطعاً وثاقباً، لدرجة أن الظلام لم يستطع التغلب عليه، فالشاب العلوي يؤكد بكل سطر دم كتبه، على قيمة الإنسان ومكانته السامية، فأي دماء سفكها أبناء الطلقاء، وقد برز لهم أشبه الناس بمحمد خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً، وحاولتُ نسج عنوان لهذا الفتى، لأقف على ضفاف شبابه وجميل صوره، وما وجدتُ إلا والدته الجليلة السيدة ليلى.

قمر منير خطفه صعاليك بني أمية، بين خيم مستعرة وقرابين تملأ ساحة الطف، لكن إمرأة من بني ثقيف، كانت تقف بجانب الخيمة، تسمع أنفاس ولدها علي الأكبر، وقد خرج لميدان المعركة، فقاتل بشجاعة هاشمية محمدية علوية لانظير لها، وإجتمع الظمأ والتعب بجسده، وقد غطت الدماء جبهته، وغيرت الطعنات معالم وجهه الشريف، حتى سقط شهيداً ولم تبدِ والدته جزعاً، رغم المصيبة مُسلِمةً أمرها الى بارئها، فكان لصمتها صدى عظيم وهي تقول:(اللهم تقبل علي الأكبر بأحسن قبول).

إمرأة جليلة النسب، رفيعة الحسب، عظيمة الشرف، عاشت حياة الإيمان والعبادة والزهد، رغم حالة السبي وفقدان زوجها السبط الشهيد، وفلذة كبدها علي الأكبر، إنها ليلى بنت عروة بن مسعود بن ثقيف، من زعماء العرب بالطائف وسيدها، وهو إبن عم المختار بن أبي عبيد الثقفي، وإستمرت برحلة الجهاد في كربلاء محتسبة، مع بقية نساء البيت الهاشمي، بعد أن قدمت ولدها قرباناً للدين والعقيدة، فبقيت جالسة تحت الشمس، تبكي على سيدها وقرة عينها، اللذين قضى نحبهما بنهار واحد.

السيدة الفاضلة ليلى بنت عروة، زوجة الإمام الحسين وأم علي الأكبر، حالها كحال نساء البيت العلوي، بعد مجيئهن من رحلة السبي، حددنَ شروط ملحمة، إنتصار الدم على السيف بعد واقعة الطف، وإستطعنَ خلق حياة جديدة، لتتحرك مشاعر الحرية والكرامة، ضد الطغيان والجور الأموي، وينبغي القول: أن نسوة كربلاء (رضوانه تعالى عليهنَّ) وليلى إحداهنَّ صنعنَ فرصاً كبيرة لإحداث التغيير، وجعلنَ من يزيد الطاغية، مجرد صعلوك يعيش طوال حياته القذرة، سجين ذاته حتى هلك عليه اللعنة.

(على الدنيا بعدك العفا) هذا ما قاله الإمام الحسين (عليه السلام)، عندما شاهد ولده علي الأكبر صريعاً، وسط مشاهد الموت الجماعي، والرؤوس المقطوعة، فحمله والده (عليه السلام) ووضعه بين أخوته من بني علي، متقبلاً حقيقة اليوم العاشورائي الخالد، مؤمناً بأن القضية الكبرى، هي إصلاح أمة محمد وإحياء الدين، وتمكن من صناعة مستقبل حسيني لا يستطيع أحد تجاوزه، كما أن أفكار الإمام وتضحياته، كانت وما زالت كالحياة لا تنضب أبداً، وهنا يكمن سر خلودهم رجالاً ونساءً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك