المقالات

يوم للرباب مع رضيعها عبدالله الأصغر

1100 2021-08-23

 

أمل هاني الياسري ||

 

·        نساء عاصرنَ الأئمة وعشنَ طويلا/6/

 أنجبت للإمام الحسين عليه السلام، ولداً (عبد الله) وبنتاً (سَكينة)، إنها الرباب بنت أمرؤ القيس بنت عدي الكلبية، شاركت نساء البيت الهاشمي مصيبة السبي، من كربلاء فالشام ثم الى المدينة المنورة، وظلت دائمة البكاء جالسة تحت حرارة الشمس، حزناً على إستشهاد أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) حتى ماتت كمداً، فكانت عاطفتها تجاه رضيعها على الأصغر، قد ألغت طموحها بالحياة، وأصبحت إحدى نساء الطف، اللواتي صنعنَ ثورة تنادي بحقوق الطفل الرضيع!

ظاهرة الإستلاب العقائدي والإنساني، الذي تعامل به أزلام يزيد الطاغية، في واقعة كربلاء مع النساء، إنما ينم عن خستهم وفسقهم، وبغضهم بآل علي، مضافاً عليه التعتيم الإعلامي بالخوف والقوة، والإغراء بالمال والمناصب، لتحشيد المزيد من الصعاليك، للوقوف بوجه الثورة الحسينية الإصلاحية، لكن نساء الحسين(عليه السلام)كان لهن الدور الريادي، في قلب الرأي العام داخل البيت الأموي المنحرف، فأخرج الطاغية يزيد هؤلاء النسوة من الشام الى المدينة، لأن بقاءهنَّ يعني مزيداً من لحظات الكرامة، وإعلاء كلمة الحق.

الرباب أم عبد الله الرضيع يوم العاشر من محرم، باتت قلقة على صحة رضيعها لعطشه الشديد، فأعطته لأخته سكينه، لتناوله لوالدها الحسين(عليه السلام)ليسقيه ماء، فما هي إلا دقائق وقد عاد الإمام (ع) الى المخيم، فإستقبلته سكينة: آبه يا حسين، لعلك سقيت عبد الله ماءً وأتيتنا بالبقية، فقال لها: بنية هذا أخوك مذبوح من الوريد الى الوريد، ساعد البارئ عز وجل والده، ووالدته على هذه المصيبة، فما ذنب هذا الرضيع، لتُسفك دماءه على مرأى أعين القوم؟

دأبت بعض الدول على إعتبار إستشهاد عبد الله الصغير، يوماً عالميا للطفل الرضيع، مطالبة المنظمات الإسلامية والدولية والإنسانية، بضمان حقوق الأطفال الصغار في العيش بأمان، وتوفير الطعام والملبس، وهي رسالة حسينية عظيمة، لما جرى على رضيع الحسين، لأنه لم يطلب سوى شربة ماء، لكن الأوغاد سقوه دمه فسكت الطفل، ورحل حيث سيسقى شربة ريّا، والرباب لم تبد جزعها، وإنما وقفت عند خط الصبر حيث لا تستطيع تجاوزه، فهي تعرف معنى سر وجودها، مع رضيعها في كربلاء!

 قدمت الرباب في ملحمة الطف الخالدة، صورة للمرأة المفعلة وليست المنفعلة، لإستشهاد طفلها الرضيع بعمر أشهر معدودات، فلم تأخذها العواطف والإنفعالات التي تصدرها الأم، وبحالة أهون بكثير مما جرى في كربلاء، على أننا نستلهم دروساً وعِبراً لا تُضاهى، من خلال الوقفة البطولية لهذه السيدة، لترى وليدها الصغير يدفن بجوار أبيه(جسد مسجى بلا رأس)،لأن الرأس الشريف رحل معها في مسيرة سبي أليمة، فأين حقوق الطفل وأمه؟ وسيعلم الذين ظلموا آل محمد أي منقلب ينقلبون، والعاقبة للمتقين.

سيدة فاضلة عاصرت الإمام الحسين (عليه السلام)، وعاشت معه لحظات الثورة الكربلائية المعطاء، وسايرت حركة رحلة السبي مع الإمام علي زين العابدين(عليه السلام) الذي لم ينهرها لمواصلة بكائها ،على أبيه الحسين وأخيه عبدالله الرضيع، إلا إنها لم تنجز عملية التغيير بمشاعر الحقد والغضب، بل بمفاهيم الصبر، والعفة، والكرامة، لتكشف للعالم الإسلامي مدى مظلومية إبنها الرضيع، الذي قتل على يد حرملة عليه اللعنة، لكنها إطمأنت عليه وهو سيسقى بيد جده، شربة ماء لايظمئ بعدها أبداً.



اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك