حافظ آل بشارة ||
عندما تعقد الحكومة مؤتمرا لدول الجوار ، فيفترض ان يكون الهدف الاول تحقيق مصالح العراق وتعزيزها ، هناك ست دول تجاور العراق وهي ليست متشابهة في مدى استقلالها وسيادتها وكل يغني على ليلاه ، الكويت والسعودية والاردن تابعة لاميركا واسرائيل ، اما سورية فهي في برزخ سياسي لم تتبلور خواتيمه بعد ، اما تركيا فترى نفسها شريكا محترما لاميركا واسرائيل وتأنف ان يقال تابعة ، وهناك ايضا ايران كدولة قائمة بنفسها ولم تكتف بالاستقلال عن الشرق والغرب بل تقود تيار مقاومة وشعارها تحرير شعوب المنطقة من التبعية للغرب ، وكل من اتباع اميركا وشركاءها يجب عليهم اعلان بغضهم لايران ارضاء لاسيادهم ، اي نموذج هو اقرب الى النظام العراقي الحالي ؟ طبعا النموذج الخليجي الاردني هو الاقرب لأن العراق تابع جزئيا وهم تابعون والمتبوع واحد الا ان العراق عين منه على ايران وعين على اميركا ، واذا اجتمع السعوديون والكويتيون والاردنيون مع العراق فسينظرون بعيون حمراء الى سورية وايران لأن اسيادهم يريدون ذلك والعراق مطرق حائر ، اما تركيا فهي مضارب عريق في سوق السياسة وشريك لاصحاب الهيمنة ، هذا التصنيف هل هو الذي سيحكم الحوار بين تلك البلدان ان اجتمعت ؟
اذا اراد العراق اثبات عدم تأثره بهذا التصنيف ، واثبات ان العراق دولة محورية كما يقولون ، فعليه ان يتصرف طبقا لمصالحه :
1- يطالب السعودية بدفع ترليون دولار تعويضات عن جرائم القتل الجماعي للشعب العراقي بالمفخخات والانتحاريين واثارة الفوضى ودعم القاعدة وداعش واصدار فتاوى الابادة الطائفية ، وتقديم تعهد بعدم تكرار هذه الجرائم.
2- يطالب الكويت بالكف عن قضم الاراضي والموانئ والمياه العراقية ، واتباع اساليب ملتوية لافشال مشروع ميناء الفاو ، واعادة ما اخذته الى اهله ، ويشترط عليها تقديم تعهد بعدم تكرار هذا السلوك.
3- مطالبة الاردن بتسليم المطلوبين للقضاء العراقي الذين يقيمون في اراضيه ، والكف عن اقامة الفواتح لصدام ودعم التحركات البعثية والطائفية التي تنطلق من عمان بدعم من الحكومة.
4- مطالبة تركيا بانهاء احتلالها للاراضي العراقية وسحب جيشها وقواعدها من الشمال ودفع تعويضات لمن قتلتهم من العراقيين بحجة ملاحقة حزب العمال .
اذا كان مؤتمر بغداد يعقد لأجل هذه المطالب فهو مؤتمر رائع ويستحق الفندق النظيف وانفاق ملايين الدولارات على الوفود ، اما اذا كان يعقد لأجل العبارات الانشائية الآتية :
(مؤتمر بغداد جاء نتاج لسياسة التوازن وللدبلوماسية الهادئة التي ينتهجها العراق وللثقة بقدراته وامكانياته ، نعمل على ان يكون هذا المؤتمر لبنة اساسية في بناء شراكات وتعاون مستدام بين العراق وشركاءه في القضايا والتحديات المشتركة ، من أهداف المؤتمر امكانية تأسيس شراكات مستدامة بين العراق ودول المنطقة في ملفات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والنقل والتجارة والبيئة ... الخ) .
هذا انشاء مدرسي ، اذا كان العراق يفتقر للقرار الوطني المستقل في السياسة والأمن والاقتصاد ، وفاقدا للبنية التحتية ولا خدمات لديه ولا انتاج سلعي ، ويخسر اغلب ثروته بالجملة من داخله لتذهب الى اللصوص المحليين واسيادهم الاجانب ولا يحرك ساكنا ، فكيف يستطيع جلب الخير من الخارج !؟