المقالات

ذكريات التبليط الانتخابي 

1611 2021-09-08

  حافظ آل بشارة ||    في ظل السباق الانتخابي هناك بعض الظواهر تتكرر  في كل دورة بلا ملل حتى تتحول الى ذكريات ، منها مثلا استخدام البعض لامكانيات الدولة لخدمة الدعاية الانتخابية ، السلطة التنفيذية متوقفة عن العمل ، فهي معطلة او ميتة ، لكن بعض المرشحين يمتلك براعة نادرة فيستخرج من احشاء جثة الحكومة المحنطة اشياء عجيبة ، يستخرج جرافات ورافعات وسيارات حمل كبيرة لم تعمل من قبل ، لها لمعان يخطف الابصار فيقود اسطولا من الآليات الحكومية الجديدة لكي يقوم باعمال التنظيف والتبليط ، هو نفسه قبل سنة من الآن كان من اشرس دعاة منع استخدام امكانيات الدولة لاغراض انتخابية ! لكن في هذا اليوم المتميز يحتشد الناس من كل صوب مع اطفالهم يتفرجون على كيفية تبليط الشوارع للجماهير الكادحة ، فالقوم ينظفون ويبلطون ليس لوجه الله طبعا لأن بعضهم اللاهث وراء السلطة لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ويصلي ويبلط وينظف لكسب الاصوات ، واذا اردت ان تعرف الفرق بين التبليط الانتخابي والتبليط الحقيقي ستجد الفوارق واضحة ، ان تبليط الشركات عملية مطولة تتضمن التعلية الترابية للشارع والحدل والتنعيم وفرش المزيج الترابي ثم الحدل مجددا ثم طبقة التبليط السميكة التي صممت للبقاء خمسين سنة ، اما تبليط المرشحين فهو عمل احتفالي ظريف لطيف سريع طبقة تراب حافية على الارض بلا حدل فوقها طبقة اسفلت خفيفة هي عبارة عن خليط من الحصى والقير ، بعض المرشحين لا يجيد النطق بجملة للاعلام لكنه يفهم اكثر من المهندس المختص في شؤون التبليط الانتخابي السريع ، واذا كان تبليط الشركات النزيهة يبقى خمسين سنة فتبليط المرشحين عمره خمسون يوما ، ثم يبدأ التشقق والتخسف ومع كل طسة تنطلق في الهواء عاصفة من الشتائم الحديثة ذات الوزن والقافية يطلقها سائقو السيارات المارة ، شتائم موجهة الى مرشحي التبليط واجدادهم الماضين صعودا الى العصر  المغولي بلا ذنب جناه الاجداد ، واذا اراد مواطن صالح يعيش على الفطرة ان يتصل بالمرشح ليخبره بنبأ خراب التبليط وهو يعتقد انه سوف يأسف ويغضب ويستدعي فرق الصيانة لتلافي الخراب يفاجأ بأن هاتف النائب مغلق ، اغلب الناس لا يعلمون ان تغيير الهواتف مرحلة شهيرة من مراحل الانتخابات النيابية . مرشحون آخرون يذهبون مذاهب شتى لرسم صورة حسنة لهم امام الناخبين فمنهم من يقطع الوعود للعاطلين بالتعيين ويأمرهم باحضار الوثائق الاربع بملفات ملونة ، فترى الملفات اكواما تثقل كواهل غلمانه فهم (كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ)... مرشح فعل ذلك بقوة رغم انه كان من دعاة تشكيل مجلس الخدمة الاتحادي لكي يجري تعيين الموظفين بعدالة بين كل المحافظات . اذن الاطراف السياسية المعروفة التي تريد السلطة لأجل السلطة تتمنى ان تبقى الشوارع ترابا تذروه الرياح لكي تستخدمها في عمليات التبليط الدعائي في كل دورة ، ويتمنون ان يتحول الشعب الى حشود فقراء لا يجدون قوت يومهم لكي يستخدموهم في لعبة التعيينات الوهمية في كل دورة ، وكل مكون يحتفظ بفقراءه ويستمتع بأنينهم ، لاستخدامهم في موسم الانتخابات المقبل ، وهم يحسبون الامور بدقة فلو بلغ المواطن مرحلة الكفاف فلن يبيع صوته بلفة گص ، ولن يبيع صوته بكارت شحن ابو العشرة ، وهكذا يصبح المواطن كبشا بين ذئبين ، فالاحتلال يريده ان يبقى فقيرا بلا مهنة ولا دولة ولا نظام ويعيده الى الحكم القبلي الذي تسوده الأمية والتناحر ، ويصبح من المستحيل نشوء حركة مقاومة وطنية ، وبعض القوى السياسية المفترسة تريد الناس ان يبقوا هكذا ليكونوا مجرد قطعان انتخابية ، فتصدق على المستفيدين الاثنين حكمة تقول : كلهم في الفلاة يطلب صيدا - انما الاختلاف في الشبكات .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك