المقالات

مؤتمر التطبيع في كردستان و موقف أيران  


 

د.جواد الهنداوي ||

 

          توافق تاريخ مؤتمر الترويج لاسرائيل والتطبيع معها ، و المنعقد في اربيل ، مع تاريخ الاستفتاء لانفصال الاقليم عن العراق ،والذي جرى في ٢٠١٧/٩/٢٥ .

          في كلا الحدثّين ،كان دور و مصلحة لاسرائيل ، بل الثاني،اي مؤتمر الترويج لاسرائيل و التطبيع معها ، كُرّسَ خصيصاً لدعم اسرائيل . و التوقيت كان محسوباً بترابط الحدثيّن ؛ فالانفصال يجسّد احلام الكرد و مدعوم من اسرائيل ، لما فيه مصلحة لاسرائيل وليس للكرد ، و التطبيع يجسّدُ هدف اسرائيل و لا ضيّر للأقليم من ان يكون له في التطبيع دوراً ،وكردّاً للجميل و تعزيزاً للمصالح المتبادلة .

         لا تنحسرُ تداعيات المؤتمر على المخالفات الدستورية والقانونية في انعقاده على ارض العراق ، وانما ايضاً في غياب ايّة محاسبة ( حسب علمنا) او اجراءات  لمعاقبة مرتكبي هذه المخالفات. هي مخالفات وليست مخالفة : مخالفة في الترويج لاسرائيل و الدعوة علناً الى الاعتراف بها و التطبيع معها ، ومخالفة اخرى ،وردت ضمناً ، في النوايا وفي المناقشات ، وهي السعي لتجزأة وتقسيم العراق او لفدرلته وفق الصيغة التى مضى عليها اقليم كردستان ، و القريبة جداً الى الكيان الكونفدرالي .

     أنعقدَ المؤتمر في اربيل ،في اقليم كردستان ، ولكن الحاضرين و الناشطين و أغلب المتحدثين هم من مدن العراق غير الكردية ، وفي الامر ،تمرير رسالة الى اسرائيل و امريكا و الى الرأي العام المعني بأنَّ في العراق عملاء او مُغرّر بهم قادرين على الاجهار بأصواتهم علناً و دون تحفظ تأييداً لاسرائيل ، و بأسم العراق الاتحادي وليس بأسم اقليم كردستان . لذا مسؤولية المحاسبة و العقاب تقع على عاتق السلطات الاتحادية .

    على أثر مؤتمر اربيل للتطبيع ، هل سيصبح اقليم كردستان مرتعاً لبعض النشاطات و الفعاليات السياسية ، والتي تخالف الدستور و تستفز الشعب العراقي وتستفز دول الجوار ؟ ألمْ يستحق مثل هذا الامر ، وقبل تكراره او الاتيان بآخر اسوء منه ، ان يُصار الى نقاش جّدي مع السلطات في الاقليم للوقوف على التداعيات الاستراتيجية لمثل هذه الخروقات السياديّة و غيرها ، والتي لا تصب ،على المدى القريب،لا في مصلحة الاقليم و لا في مصلحة العراق .

      لم يتطرق المؤتمرون ( حسبَ علمنا ) الى ذكر ايران ، رغمْ الحضور المتلوث ( او الذي تلّوث) بالعمالة لاسرائيل ، و رغمّ النفس التشريني ( نسبة الى تظاهرات تشرين )  ، والذي هتفَ خلال التظاهرات بشعارات مناهضة لايران ، و رغم بعض الحضور من الاخوة السنة او البعثيّة المناهضين لايران ، علماً بأنَّ المؤتمر كان لدعم اسرائيل ، و لا يمكن لمثل هذه الفعاليات و المؤتمرات الداعمة لاسرائيل ان تمّر دون فقرات او خطابات او كلمات تُناقش او تُلقى دون مهاجمة ايران .

بماذا يُفسّر غياب خطاب او كلمة او شعار يناهض ايران ؟

      بكل تأكيد كان على منظمي المؤتمر الالتزام ببعض التوجيهات الاساسية ، ومنها و اهمها ، كما اعتقد ، عدم التطرق بسوء للجارة ايران !

      مِنْ غير المسموح به أطلاقاً استفزاز ايران مرتيّن ؛ مرّة بانعقاد المؤتمر لدعم اسرائيل ، و مرّة اخرى ( وهذا افتراض ) بمهاجمة ايران ! الاقليم يخشى ردود فعل ايران اكثر من خشيته لردود فعل السلطات الاتحادية في العراق او الاحزاب السياسية !

     يأتي انعقاد المؤتمر لدعم اسرائيل في اربيل ،في ظرف تتهم ايران عملاء و موساد اسرائيل بالدخول الى ايران ،عبر حدود الاقليم ، والقيام بتنفيذ اعمال ارهابية و اغتيالات ، وقد هدّدت ايران ،على لسان رئيس اركان الجيش الايراني ، بالقيام بعمليات عسكرية في اراضي اقليم كردستان لملاحقة الارهابيين ،كما وجهّت رسالة الى الحكومة الاتحادية في العراق بهذا الشأن ،ورّدت وزارة الدفاع في جمهورية العراق بالاستغراب من البيان او التحذير الايراني ، وفي نصّ الرّدْ وردَ قول " ان الدستور العراقي لايسمح بممارسة ايّة نشاطات ارهابية على ارضه ضّدَ دول الجوار " . كيف نستطيع أنْ نُقنعْ ايران او تركيا بأننا نلتزم بالدستور ونمنع نشاطات ارهابية ، من ارض العراق ،ضّدَ مصالحهم ، ونحن عاجزون عن تطبيق الدستور في اقليم كردستان ، و عاجزون عن منع نشاطات او فعاليات في كردستان ،مخالفة للدستور وارادة الشعب ،مثل مؤتمر اربيل للتطبيع ؟

     مؤتمر دعم اسرائيل في اربيل سيكون ذريعة و حجّة لايران لمزيدا من الاتهامات لعمليات ونشاطات ارهابية موسادّية ، منطلقة من اقليم كردستان ، وتبرير ايران سيكون الحفاظ على أمنها القومي .

   لن استبعد بان تلجأ ايران الى تأسيس نقاط مراقبة وقاعدة او قواعد لها في الاقليم او في شمال العراق ، على غرار ما قامت وتقوم به تركيا .

   ذريعة ايران ستكون منع تسلل عملاء اسرائيل ، و ذريعة تركيا منع تسلل المقاتلين الكرد المناهضين لتركيا .

    مشهد اليوم ( مؤتمر تطبيع و دعم لاسرائيل في اربيل ، سلطات اتحادية لا حول ولا قوة لها عمّا يجري في الاقليم ، اتهامات وتهديد ايراني ) يوحي لنا بتوقعّات وبنتائج لا تصّبُ في مصلحة الاقليم ولا تُليق بالعراق الدولة .

   مشهد اليوم يكشفُ عن اخطاء استراتيجية ،يرتكبها الاخوة في الاقليم ؛ دورهم وسعيهم لاضعاف الحكومة الاتحادية و تسويف قراراتها ، و اتكالهم على الوعود الامريكية (  وهي سراب ) ، و دعم اسرائيل و الامارات ، وهما في حالة وهنْ وضعفْ .

    مستقبل الاقليم مِنْ مستقبل العراق ، وقد دلّت التجارب و الوقائع على ذلك ، لم تسعفْ امريكا الاقليم في انفصاله ، لا في الماضي ،حين كانت لها القوة والهيمنة في المنطقة ، ولن تسعف امريكا الاقليم في المستقبل وهي تتخلى عن المنطقة و ترحلها .

 

سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي

                 للسياسات و تعزيز القدرات /بروكسل

                        في ٢٠٢١/٩/٢٧

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك