حافظ آل بشارة ||
(ان الحسين مصباح الهدى وسفينة النجاة)، قراءتي لهذا الحديث المكون من ست كلمات تعادل ست مجلدات ، اكتب بلغة قاصرة وفي حدود فهمي ، فالمصباح يستعان به في الظلماء وليس في الضوء ، في الليل وليس في النهار ، في الديجور وليس النور ، وحين يكون الامام الحسين عليه السلام مصباحا للناس فهذا يعني ان هناك ظلاما دامسا يسير فيه القوم ومن يسيرون في الظلام بلا مصباح ، فهم يصطدمون ببعضهم فيصيبهم الاذى ويولون وجوههم نحو الاتجاه الخطأ فيبتعدون عن مقصدهم اكثر كلما طال بهم المسير ، وربما سقطوا في الهوة والوادي ومن حافة جبل فهلكوا ، فهم لا يبصرون شيئا وهذا تشبيه للمعقول بالمحسوس ، فقد شبه الحديث الشريف الضلال العقائدي بالظلام الحسي ، وشبه ما يدركه العقل بما تدركه العين ، اي شبه وهن البصر بوهن البصيرة ، الامام الحسين عليه السلام هو ثالث ائمة الاسلام بعد النبي ، معصوم مطهر ، وهو خامس اصحاب الكساء ، والامام عندنا (قوله وفعله وتقريره تشريع) ، وهو من الثقل الثاني في حديث الثقلين ، لذا فقد شبهه جده بالمصباح لأن وجوده في الأمة ضمانة للهدى وامانا من الضياع ، يقتدي بهديه وحكمه طلاب الحق واهل الايمان وهو لهم كالمصباح بأيدي المدلجين في الديجور ، فمن استضاء به نجا ومن لم يستضئ به ضل وهلك .
اما تشبيهه بسفينة النجاة فالسفينة انما تطلب لعبور البحر ، ويريد الحديث ان يشير باسم السفينة الى رسالة اول اؤلي العزم من الانبياء نوح عليه السلام ، والسفينه ونوح والطوفان ثلاثي ارتبط بتطور مهم حدث في الارض عندما ضربها تسونامي كبير فصنع الفلك وانقذ من انقذ ، الربط بين الامام الحسين عليه السلام والنبي نوح عليه السلام انما يشير الى الوراثة التأريخية عبر سلسلة الانبياء ، وفي الزيارة : (السلام عليك ياوارث نوح نبي الله) اما السفينة هنا فصفة للحسين عليه السلام تختلف عما يعنيه المصباح في التشبيه الاول ، فالناس في طوفان الضلال مبصرون لكنهم لا يميزون بين سفينة النجاة وسفينة الهلاك ، ففي عهد امير المؤمنين والحسن والحسين كثرت الزعامات وعادت الجاهلية واستيقظ التغالب القبلي فتشابهت على الناس الرايات والدعوات والمذاهب ، حتى قيل لامير المؤمنين في الجمل : كيف تقاتل قوما فيهم طلحة والزبير وام المؤمنين ؟ فقال : (الحق لا يعرف بالرجال اعرف الحق تعرف اهله) ، وامتدت فتنة تعدد الزعماء والفضلاء المزعومين والصحابة المزيفين ، انه حقا طوفان من التحريف والنفاق والضلال ، فاصبحت الحاجة ماسة الى سفينة الهدى في طوفان الضلال (من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) للسبب نفسه فليس على وجه الارض في العقد السابع امام غير الحسين عليه السلام وهو ليس مجرد حفيد نبي بل هو وارث الرسالات والمنصب من الله اماما مفترض الطاعة ، ولذلك يصح التشبيه ان هناك طوفانا كبيرا وسفينة النجاة واحدة ، لذا فمن قاتلوه كأبن نوح الذي ترك سفينة النجاة واوى الى الجبل ليعصمه فكان من الهالكين .
حتى هذه اللحظة مازال الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة ، وزماننا اليوم كزمان بني امية ظلام دامس وطوفان مهلك وليس لدينا الا الحسين عليه السلام .
https://telegram.me/buratha