رجاء اليمني ||
أنقل لكم نبذة عن قناص وادي الحرامية في فلسطين المحتلة؛ علمًا بأنّ بعض المنظمات تدعي أنه ينتمي لها.
ولكنه لا ينتمي لأي جهة، وهو يؤمن بأن الجهاد هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين. وكان يقتل الجنود المسلحين فقط. هذا تعريف موجز عن هذا البطل الذي تحاول بعض التنظيمات أن تستظل بظله وهيهات لهم ذلك.
فقد استيقظ ثائر قبل فجر ذلك اليوم المشهود، وأدى صلاة الفجر، وارتدى بزة عسكرية لم يسبق وشوهد يرتديها وتمنطق بأمشاط الرصاص وحمل بندقية الـ m1 الأمريكية القديمة التي كانت تستخدم في الحرب العالمية الثانية وتفقد ذخيرته المكونة من 70 رصاصة خاصة بهذا الطراز القديم من البنادق قبل أن يمتطي صهوة جواده وينطلق به الى جبل الباطن الى الغرب من بلدة سلواد شمال رام الله في مسالك جبلية وعرة. ووصل إلى المكان الذي سبق له وعاينه غير مرة فترجل عن جواده وتركه يمضي حيث أراد؛ كونه كان متأكدًا من شهادته في تلك العملية. ولكن تسير الرياح بما لا تشتهي السفن كما قال.
في أسفل الجبل الذي تمركز فيه ثائر عند الساعة الرابعة فجرًا كان حاجز لجنود الاحتلال يسمي حاجز "عيون الحرامية" نسبة إلى الوادي الذي يقع فيه، وركز ثائر البندقية على جذع زيتونة وتفقد جاهزيتها لآخر مرة وأطمأن أن المخازن الثلاثة ذات سعة الثماني رصاصات محشوة بها وتفحص باقي الرصاصات وأخذ يراقب ويستعد بانتظار ساعة الصفر التي حددها لنفسه.
أمضى ثائر نحو ساعتين يراقب ويخطط بعناية طول المسافة التي تبعده عن هدفه بين 120 ـ 150 مترًا هوائيًا إلى الشرق منه ومع إشارة عقارب ساعة يده إلى السادسة صباحا وإشراق الشمس بات كل شيء واضحا، بدأت ثائر معركته وأطلق أولى الرصاصات في الهواء ليلفت انتباه الجنود وما هي إلا ثواني معدودة حتى تناسل الجنود ليوقعهم في مكر ما خطط له ويبدأ بقنصهم واحداً تلو الآخر.
وحسب رواية ثائر كان هناك ثلاثة جنود يحرسون الحاجز فسدد على الأول فاستقرت الرصاصة في جبهته، فعاجل الثاني برصاصة استقرت في القلب قبل أن يكبر ويطلق رصاصته الثالثة لتردي الجندي الثالث قتيلا، وعلى صوت الرصاص خرج جنديان آخران من غرفة الحاجز مذعورين يحاولان استطلاع الأمر، وقال ثائر: "لم أجد صعوبة في إلحاقهما بمن سبقهما ومن داخل الغرفة ذاتها رأيت سادسا كان يصرخ مثل مجنون أصابه مس المفاجأة كان ينادي بالعربية والعبرية أن انصرفوا وهو يدور في الداخل كان سلاحه بيده ولم يطلق في تلك اللحظة الرصاص، لاح لي رأسه من النافذة الصغيرة أطلقت عليه رصاصة وانقطع الصوت وساد سكون الموت منطقة الحاجز برهة. أعتقد أنني عالجت أمر الوردية بست رصاصات، وفجأة وصلت إلى المكان سيارة مدنية إسرائيلية ترجل منها مستوطنان اثنان صوب الأول سلاحه وقبل أن يتمكن من الضغط علي الزناد كان قد تلقى رصاصة وسقط صاحبه إلي جواره مع ضغط الزناد التالي.
وحسب ثائر مضت دقيقتان قبل أن تصل سيارة جيب عسكرية لتبديل الجنود، وما أن اتضح للضابط ومجموعته الأمر حتى ترجلوا وتفرقوا وأخذوا يطلقون الرصاص على غير هدى في كل اتجاه.
وقال ثائر بأن موقع الحاجز في أسفل الجبل مكنه بشكل جيد في تحديد أهدافه، فعالج أمر هؤلاء الجنود بالتزامن مع وصول سيارة أخرى للمستوطنين وشاحنة عربية أجبر سائقها على الترجل إلا أن ثائر تمكن من إصابة المستوطنين إلى جانبه من دون أن يمسه هو بأذى.
ويتذكر ثائر الذي يقضي حكما بالسجن 11 مؤبدا كيف وصلت مركبة مدنية إسرائيلية لاحظ أن بداخلها امرأة إسرائيلية مع اطفالها ويقول كانت في نطاق الهدف، ولكنني امتنعت عن التصويب باتجاهها بل صرخت فيها بالعربية والعبرية إن انصرفي خذي أطفالك وعودي ويذكر أنه لوح لها أيضا بيده طالبا منها الابتعاد، وبعد ذلك انفجرت بندقيته (التي لا تحتمل إطلاق الرصاص منها بشكل سريع لقدمها) وبين يديه وتناثرت في المكان ما أجبره على إنهاء المعركة بطريقة مغايرة لما خطط له، كان قد أطلق بين 24 و26 رصاصة فقط من عتاده المكون من 70 رصاصة يعتقد أنها جميعا استقرت في أجساد أهدافه حيث قتل 11 جنديا ومستوطنا وأصاب تسعة آخرين.
وبعد انفجار بندقيته قرر ثائر الانسحاب صعودا في طريق العودة إلى المنزل كان ذلك نحو الساعة السابعة والنصف صباحاً عندما وصل إلى بيته وأسرع بأخذ حمام ساخن وخلد إلى الفراش فأخذ قسطا من النوم قبل أن يوقظه صوت شقيقه يحثه على الإسراع للتحضير لجنازة قريب لهما توفي في نفس اليوم.
وترافقا في العمل في القيام بواجب العزاء، كل شيء كان طبيعيا ولم يبد على ثائر أية مظاهر غير معروفة عنه حتى عندما بدأت الأنباء عن العملية تتردد في القرية مع ما رافقها من إشاعات عن أن رجلاً مسناً هو القناص الفذ الذي نفذ العملية التي يؤكد ثائر أن أحدا لم يساعده في تنفيذها أو يعلم بسرها.
ومع اتضاح حجم العملية فرضت قوات الاحتلال طوقا حول بلدة سلواد المجاورة للحاجز ونفذت حملة تمشيط بحثا عن المنفذين المحتملين وأعتقل ثائر وأفرج عنه بعد 3 أيام بعد أن رسمت مخابرات الاحتلال صورة لمنفذ العملية بأنه رجل كبير في السن، الأمر الذي عززه كذلك وجود لفافات من التبغ العربي الذي يدخنه كبار السن عادة بعد إعداده بأيديهم عثروا عليه في المكان الذي أطلقت النار منه على الحاجز.
وعزز الإفراج عن ثائر في المرة الأولى الثقة بنفسه بأنه في مأمن ولا شكوك حوله وأخذ يردد في كل مجلس يرتاده حكاية القناص العجوز الذي نفذ العملية، والذي كان يقول إنه ربما انتقل إلى جوار ربه ولن يقع في يد الاحتلال.
ومضى نحو 30 شهرا على العملية عندما تسلمت عائلة ثائر أمرا من المخابرات يطالب ثائر بمراجعتها ولكنه لم يراجع، كان ذلك قبل أسبوع من مداهمة منزله واعتقاله فجر يوم 2/10/2004 يومها بدا واثقا من نفسه وطمأن والدته والعائلة بأنه سيخرج بعد أيام قليلة لأنه لم يفعل شيئا يوجب اعتقاله ولا شيء ضده.
ولم يطل المقام عندما نشرت صحف إسرائيلية صبيحة 6/10/2004 نبأ اعتقال "قناص وادي عيون الحرامية" وأنه هو نفسه ثائر حماد.
وترافق اعتقال ثائر مع اعتقال ثلاثة من أشقائه هم نضال وأكرم وعبد القادر الذي اعتقل قبله بعشرة أيام فيما ترافق اعتقال الآخرين مع الكشف عن العملية.
هذا وبعد 30 جلسة من المحاكمة حكم على ثائر بالسجن المؤبد 11 مرة.
وأيضاً تعجز الحروف عن وصف هذا البطل الهمام الذي ستظل قلوبنا نحن الأمهات أن يحتذي شبابنا نفس النمط ولنفس الاتجاه والقوة والصلابة في مقاتلة الصهاينة والأعداء الذين أمر الله بمقاتلتهم.
قال تعالى في محكم آياته:-
{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا ٱسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍۢ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَىْءٍۢ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَف إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} (الأنفال - 60)
والعاقبة للمتقين
https://telegram.me/buratha