المقالات

حجر بن عدي يهدد السلم الأهلي!

1674 2021-11-20

  د.أمل الأسدي  ||   كان لابد من أن يُسلَّط علی العراق أقسی الولاة،ولابد من التفنن في إيجاد العقوبات عليه،فهو بلد عصيّ علی السلطة الأموية،والكوفة باتت مركز التشيّع  منذ أن جعلها الإمام علي (عليه السلام) مركزا للحكم،فالتشيع يتناسب  عكسيا مع بقاء الأمويين  وسيادتهم  القائمة علی عقيلة التملك واستعباد الناس؛لذا لاخيار سوی تقليم أظافر العراقيين،وابتكار الوسائل المناسبة لذلك ومنها نقل مركز السلطة  الی الشام وتهميش أهل العراق، ومنها أيضا تجويع العراقيين،وكذلك تهجيرهم وتشتيت جمعهم،وعلی رأس هذه الأساليب تصفية الشخصيات الترابية الرافضة لنهج الأمويين ومنهم الصحابي الجليل(حجر بن عدي) ولكن ذلك أمر صعب؛لأن لحجر  مكانةً   بين الناس  فهو ذلك الصحابي الداخل ضمن مقولة  رسول الله الأعظم عن أبي ذر:((ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين )) فكان حجر بن عدي من بين هذه الجماعة المؤمنة التي شهدت دفن أبي ذر، ناهيك عن مكانته في الكوفة فهو من أعلام الكوفة وخواص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام) وقد شهد معه النهروان وصفين والجمل وهو من الزهاد العباد، فضلا عن أنه ينتمي إلی قبيلةٍ لها  ثقلها في الكوفة،وله ثقله في قبيلته!!  ولحجر وصحبه حضور رافض لسياسة الأمويين التي كانت تسب ابن عم الرسول ونفسه(علي بن أبي طالب) علی المنابر،وتطعن به ولاسيما إبان فترة ولاية المغيرة بن شعبة،وقد واجههم حجر الخير قائلا:بل إياكم قد أضل اللهُ ولعن،أنا أشهد أن من تذمون أحقّ بالمدح،ومن تزكون أحق بالذم!! وكان المغيرة يهدده ويحذره من غضب السلطان معاوية،ولكن حجرا كان شجاعا مهابا لايخاف في الله لومة لائم!!  وحين تولی زياد ابن أبيه  الكوفة كتب الی (معاوية) يطلب منه  إخماد صوت (حجر بن عدي) قائلا:"إن كان لك بالعراق حاجة فاكفني حُجرا وأصحابه!! وعليه  تسلّم ابن أبيه الضوء الأخضر بالتصفية عن طريق إرساله الی الشام،لكنّ تطبيق هذا الأمر صعبٌ كما أسلفنا، وعلی ذلك فكّر  الماكر ابن زياد في طريقةٍ يضرب بها  عصفورين بحجر واحدٍ!! فكلّف محمد بن الأشعث الكندي بإلقاء القبض علی حجر بن عدي،كي يثير الفتنة بين أبناء القبيلة الواحدة فيقضي علی وحدتها ويستريح منها من جهة،ومن جهة أخری يتخلص من الصحابي الثابت علی مبادئه  مع صحبه المخلصين. وحين حضر(حجر بن عدي) في مجلس  ابن أبيه،قال له: مرحبا أبا عبد الرحمن،حرب في أيام الحرب وحرب وقد سالم الناس؟! علی نفسها جنت براقش!! ثم سجنه عشرة أيام،وأتی بشهود  يشهدون عليه بأنه  يسب الخليفة ويحارب الأمير، وأنه خلع الطاعة وفارق الجماعة ودعا الی الحرب وبث الفتنة بين الناس،وأنه يدعو الجموع إليه ويحرضهم علی خلع الخليفة،وإنه كفر بالله كفرة صلعاء!! ثم أرسله مع هولاء الشاهدين عليه زورا وظلما وعدوانا وكان معه مجموعة من الرجال ومنهم ابنه ( همام بن حجر) ،ولمّا وصلوا إلی مدينة(عذرا)وصل رسول معاوية إليهم وبلغهم رسالته :إنا قد أمرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له؛ فإن فعلتم هذا تركناكم، وإن أبيتم قتلناكم، وأمير المؤمنين يزعم أن دماءكم قد حلت بشهادة أهل مصركم عليكم، غير أنه قد عفا عن ذلك، فابرؤوا من هذا الرجل يخل سبيلكم!! فأبی حجر وصحبه   البراءة من الإمام علي(عليه السلام) واستعدوا للموت،فصلوا ليلا وأحسنوا صلاتهم وقال حجر:" اللهم إنا نستعديك على أمتنا؛ فإن أهل الكوفة قد شهدوا علينا، وإن أهل الشام يقتلوننا، أما والله لئن قتلتمونا؛ فإني أول فارس من المسلمين سلك في واديها، وأول رجل من المسلمين نبحته كلابها"  فالذي آلم (حجر)  أنه هو من فتح هذه المدينة(مدينة عذرا) وهو أول من نادی فيها بالشهادة، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله!! فهو أول من أدخل الإسلام فيها،وهو عينه سيُقتل فيها!! وهكذا مضی حجر وابنه همام في مدينة (عذرا) وقد ذكر الإمام علي خبر استشهادهم مبكرا قائلا:"يا أهل الكوفة! سيقتل فيكم سبعة نفر خياركم، مثلهم كمثل أصحاب الأخدود، منهم حجر بن عدي وأصحابه" وهكذا خسر الشيعةُ صوتا مدافعا،وقائدا شجاعا،كان يحميهم من بطش الأمويين ويحافظ علی عقيدتهم ووجودهم،لتحل بهم من بعد ذلك كوارث كثيرة، جوع، وبطش وحبس وترويع وقتل،فتفريطهم بحجر  وإذعانهم إلی الأمر الواقع جرّ عليهم ويلات وويلات!!  فحجر بن عدي الذي زعموا أنه يهدد سلم الكوفة ويزعزع أمن الدولة الأموية،بقي مهدِّدا حتی عام 2013م!! تخيلوا أن جيش معاوية وعلی سياسة الأمويين ونهجهم المعتاد نبشوا قبره!! نبشوه وأطلقوا كلمتهم عاليا: الدور سيكون لزينب ورقية!! إذن هذا هو السلم الذي تريده يد الشيطان،تريد إبادة محبي علي، وأتباع علي وشيعته،فوصل حقدهم أن ينبشوا حتی قبور الصحابة والتابعين والاعتداء علی حرمهم!! وماذا فعل لهم علي بن أبي طالب سوی الخير والصلاح والعدل؟ وماذا فعل دعاة السلم والتوحيد من أصحاب أمير المؤمنين وشيعته حتی يُقتلوا بهذه الطريقة وتُنبش قبورهم؟!!  إنها حرب النفاق علی الإيمان،إنها حرب الشرك ضد التوحيد!! وماذا فعل الحشد الشعبي للعراقيين؟ حموا مدنهم،وصانوا أرواحهم،وجادوا بدمائهم في سبيلهم!! بعد أن كانت تُجَزُّ رقاب الأبرياء بالجملة،وبعد أن كاد العراق  يسقط في جب الدم، نهض أبناء الحشد بكل ما لديهم من غيرة ومحبة لحماية العراق بكله!! ماذا تريدون منّا؟ هل نضحي بهم كما ضحوا بحجر بن عدي؟ كي تعود الدبابات البعثية ـ وبرعاية أمريكا وبدعم الحضن العربي ـ تتجول في النجف وكربلاء وتطلق بمكبرات الصوت "لاشيعة بعد اليوم "كما حدث في أثناء إبادة انتفاضة 1991؟  هل نتخلی عن الحشد كي  تعودوا مرةً ثانية لتقتلوا الأحياء منا وتنبشوا قبور الشهداء وتهدموا أضرحة أهل البيت(عليهم السلام) وتزهقوا أرواح الأبرياء وتبيعوا النساء في أسواق النخاسة وتزيلوا آثار الحضارة؟!!   وكيف تنطلي علينا أصوات الشيطان؟ الحكاية واحدة،هي هي، والأرض واحدة هي هي!! بالأمس حجر واليوم تريدون الحشد!! فيا أحرار الفكر،  لاتفرّطوا بحجركم ولا بمختاركم،فإن القوم لايريدون حرمةً لا لإحيائكم ولا لشهدائكم !! إنها الحرب ضد علي مازالت باقية!!  إنها الحرب ضد العراق مازالت باقية!! فقد تلقفوا قولا للرسول(صلی الله عليه وآله) وجعلوه هدفا: "اذهبوا الى العراق... إن فيه خيرا لن ينفد الى يوم الدين".
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك