د. جواد الهنداوي *||
سدّدتْ وزارة المالية العراقية آخر مبلغ من تعويضات حرب الكويت ، والبالغ ٤٥ مليون دولار .
سّدّدَ العراق ،من تاريخ ١٩٩٦ ولغاية الاسبوع الاول لعام ٢٠٢١ ، ما مقداره ٥٢،٤ مليار دولار امريكي ،كمبالغ تعويضات . هذا ما كتبه الدكتور مظهر محمد صالح ،المستشار المالي للسيد رئيس الوزراء، في مقال له ،منشور من قبل شبكة الاقتصادين العراقيين ،بتاريخ ٢٠٢١/١٢/١١ ، وتحت عنوان : انتهاء العراق من تعويضات حرب الكويت ... ص١) .
ادى العراق مُرغماً كافة التزاماته القانونية والسياسية و المالية ،المفروضة عليه بموجب قرارات مجلس الامن و الامم المتحدة ، على اثر قيام النظام السابق بغزو الكويت . وقَبِلَ العراق بالاكراه قرار مجلس الامن المرقم ٦٨٧ لعام ١٩٩١ والقاضي بتشكيل لجنة ترسيم الحدود بين العراق و الكويت ، وقرأَ مندوب العراق الدائم في الامم المتحدة رسالة ،جاء فيها " مثلما قبلنا بالقرار ٦٨٧ لعام ١٩٩١ ، برغم اعتراضنا عليه و رفضنا مضامينه ،فاننا سوف نتعاون معكم ونسمي ممثلنا في لجنة الترسيم ،حتى ولو لم تأخذوا بالاعتبار ما اوردناه آنفاً من آراء وملاحظات . ونحن نفعل ذلك بسبب استمرار الظروف التي تفرض علينا القبول " .
لم يشهرْ العراق اعلانه خطياً بقبوله مُكرهاً الاّ للقرار رقم ٦٨٧ لعام ١٩٩١ ، والقاضي بترسيم الحدود بين العراق والكويت ، لدرايته وعلمه بان مجلس الامن تجاوز حدود سلطاته وصلاحيته المنصوص عليها في ميثاق الامم المتحدة ، وليس من صلاحياته ترسيم الحدود بين دولتيّن ، وكان من الممكن للعراق ، وبعد خروجه من الفصل السابع ،ان يقيم دعوى امام محكمة العدل الدولية في لاهاي ،لغرض الغاء نتائج و تبعات لجنة ترسيم الحدود بين العراق والكويت و بحجّة عدم رضا العراق و ان موافقته حينها بترسيم الحدود كانت تحت الاكراه .
الآن ، وبعد ان انهى العراق كافة التزاماته المالية تجاه الكويت، على مجلس الامن استصدار قرار بأخراج العراق كلياً من بنود الفصل السابع و انهاء عمل كافة اللجان والمووسسات المالية والمصرفية التي تمارس دور الوصاية على عائدات النفط وعلى حرية الاستيراد و على اجراء المعاملات المالية والنقدية . و ان ينصُ القرار بوضوح على ان العراق قد اوفى بكافة التزاماته وبأنه لم يَعُدْ تحت بنود الفصل السابع .
واشير هنا الى ما أكّدَ عليه السيد عبد الباسط تركي ،رئيس لجنة الخبراء الماليين في العراق ،في مقابلة اجرتها له صحيفة الشرق الاوسط بتاريخ ٢٠٢١/١٢/٩ ، بضرورة استصدار قرار لمجلس الامن بأخراج العراق من الفصل السابع ، وان ينصُ هذا القرار على حماية العراق من ايّة مطالبات تعويضية اخرى سواء للافراد او للمؤوسسات .
هل ستوافق امريكا بأخراج العراق من الفصل السابع و وفقاً لقرار يصدر وبوضوح من مجلس الامن ،كما ينصُ على ذلك ميثاق الامم المتحدة ؟ ايّ مثلما وُضِعَ العراق تحت الفصل السابع و بموجب قرار صريح و واضح ،يجب ان يكون خروجه من احكام الفصل السابع ،بموجب قرار واضح و صريح ايضاً . نتمنى ذلك بكل تأكيد ،ولكن شكوك تراودنا حول الموقف الامريكي الراغب ( ربما ) لاستمرار العراق مُحرراً من عقوبات الفصل السابع ،ولكن يبقى خاضعاً لبعض القيود المالية والنقدية و السياسيّة . لاسيما بأنَّ القرار رقم ٦٦٠ والصادر في ١٩٩٠/٨/٢ ، أدان العراق لاحتلاله للكويت ، ونصّ ايضاً على ان العراق يشكّل خطراً على الامن و السلم العالميّن . ربماّ تتذرع امريكا بعبارة " تهديد العراق للامن و السلم العالميّن " و الادعاء بأنَّ وضع العراق لا يزال يشكل تهديد للأمن و السلم العالميّن لتعطيل خروجه تماماً من الفصل السابع ، واستمرار ممارسة دور الوصاية والتدخل بغطاء القرار الاممي .
سفير سابق / رئيس المركز العربي الاوربي
للسياسات و تعزيز القدرات / بروكسل .
في ٢٠٢١/١٢/١٣ .