المقالات

السياسة معرفة والدستور اولها! (١)


  محمد عبد الجبار الشبوط ||   كل شيء في الكون يسير على اساس وفي ضوء معرفة. فلا شيء يقوم على جهل، ولا شيء ينتج من جهل. ولهذا، من بين اشياء اخرى كثيرة، كانت اولى كلمات القران، وهو كتاب المعرفة الالهية، هي كلمة "اقرأ"، والقراءة مفتاح المعرفة. ولهذا كان العلم هو العنصر الرابع في المركب الحضاري، وهو العنصر الخامس في بناء الدولة الحضارية الحديثة، والعنصر الاول في الحداثة.  ومنه نفرّع ونقول ان السياسة وبناء الدول تقوم ايضا على اساس المعرفة. فالسياسة الحقة، على خلاف ما يقوله بسمارك، هي فن رعاية مصالح الناس وادارة شؤون الدولة والمجتمع، تقوم على اساس المعرفة. وعليه، يجب ان تتوفر لدى السياسيين ورجال الدولة ودعاة الاصلاح وقادة الثورات درجة معينة من المعرفة بشؤون الدولة في مجالاتها المختلفة مثل الاقتصاد والسياسة والادارة والتربية والقانون والقضاء وغير ذلك. وهذا ما نلاحظه في الدعوات النبوية قاطبة، وفي الحركات الاصلاحية والثورات الكبرى، وخاصة الثورة الانگليزية وما بعدها وصولا الى الثورة الايرانية التي قادها فقيه متبحر بالعلوم الاسلامية.  اراقب عن كثب عملية بناء الدولة وادارتها منذ عام ٢٠٠٣ الى اليوم، كما اتابع عن كثب الدعوات الاصلاحية والتغييرية منذ تشرين عام ٢٠١٩ حتى اليوم، وتحديدا تصريحات واقوال الفائزين الجدد بعضوية مجلس النواب. تابعت باهتمام مقابلة لقاء تلفزيونيا مع احدهم قبل فترة ليست بالطويلة. وحينما سأل مقدم اللقاء ضيفه عن طبيعة عمله القادم في البرلمان قال له: معارضة. وحينما سأله عن القضايا التي سوف يركز عليها اجابه: تعديل الدستور. وحين سأله عن المواد التي يسعى الى تغييرها او تعديلها، ارتبك صاحبنا وحار جوابا واخذ يضرب اخماسا باسداس، واتضح ان صاحبنا لا يملك فكرة عن الموضوع.  لا يصح ان يقال لي:"ماكو مشكلة"، لان الذين تولوا زمام الامور بعد عام ٢٠٠٣ لم يكونوا على علم. صحيح: لم يكونوا على علم، لكن هل من الصحيح ان يكون المتصدي للدولة بدون علم؟ وهل من الصحيح ان نتخذ اولئك انموذجا وقدوة لنا الان؟ الجواب: لا، والا فاننا نعيد نفس التجربة الفاشلة ونكرر الاخطاء.  حسنا ماذا نفعل الان وقد فاز من فاز؟ الجواب: على الفائزين الجدد ان يسارعوا في التعلم قبل الدخول باية مناظرة وقبل الظهور على شاشات التلفزيون وقبل ان يباشر مجلس النواب الجديد اعماله، لان الامر بدون معرفة وعلم سيكون اشبه بالفضيحة. ومن هذا المنطلق اقول: ان تعديل الدستور، بوصفه خارطة الطريق لبناء الدولة، يجب ان يشمل امرين. اولهما الفكرة الحاكمة والسائدة في الدستور، والثانية بعض التفاصيل المهمة.  فيما يتعلق بالنقطة الاولى اقول ان الدستور مرتبك، فلا هو مكتوب على طريقة دولة المكونات بصيغتها الحضارية مثل سويسرا (مع ملاحظاتنا الجمة على دولة المكونات)، ولا هو مكتوب على طريقة دولة المواطنة، كما هو الحال في الدول الديمقراطية الاخرى. وعليه يجب تحديد اي من الطريقتين او الفكرتين نختار ثم تعديل الدستور على هذا الاساس. بالنسبة للذين يؤمنون بفكرة الدولة الحضارية الحديثة يجب ان يعدل الدستور لكي تؤسس مواده للدولة الحضارية الحديثة،   من حيث المباديء والاسس والوظائف الخ. وفي مقدمة هذا تعزيز مبدأ المواطنة،  لا المكونات، والديمقراطية التمثيلية، لا المحاصصة التي انتجت فكرتي التوازن الوطني والاستحقاق الانتخابي، وهي عبارات تبدو جميلة في ظاهرها الرحمة وفي باطنها وحقيقتها العذاب.  توجد اسباب وعوامل كثيرة للفشل في اقامة الدولة الحضارية الحديثة في العراق بعد عام ٢٠٠٣. ومن هذه الاسباب هذه "اللخبطة" في الدستور، وارتباك مفاهيمه وافكاره، وغياب فكرة الدولة الحضارية الحديثة عنه. بكلمة اخرى: لم يكن واضعو الدستور يعرفون اية دولة يريدون انشاءها في ضوء الدستور الذي كتبوه!
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك