هيثم الخزعلي ||
طالعنا اليوم وزير مالية العراق السيد علاوي بتصريحات غريبة ومريبة بنفس الوقت، فتحدث عن احتمالية ان تقوم الحكومة العراقية بتسريح آلاف الموظفين خلال العشر سنوات القادمة.
وتحدث عن كون الاقتصاد العراقي ريعي معتمد على النفط، وان هناك اختلالات هيكلية بالاقتصاد العراقي، وان الطلب على النفط سينخفض عالميا في هذه المدة.
والحقيقة ان وراء الاكمة ما ورائها.
فانخفاض الطلب على النفط في السنوات ال٢٥ القادمة وان كان قولا رائجا، الا ان مبرراته غير دقيقة.
فالانتقال للطاقة النظيفة ما زال بطيئا وعدد قليل من دول العالم بدأت فعلا بالاعتماد عليها،كما أن من المسلم به أن ٩٠٪ من استهلاك النفط لغرض الوقود، والعالم بدأ بتوسيع صناعة السيارات الكهربائية.
الا ان أزمة الطاقة الحالية اثبتت ان بدائل النفط غير كافية لسد حاجة العالم منه، كما أن السيارات الكهربائية وان كانت تعتمد على الكهرباء كوقود، الا ان توليد الكهرباء مازال معتمدا على النفط والغاز.
واذا سلمنا بما ذكره السيد الوزير أليس الأولى بالعراق تفعيل موارده الأخرى بدلا من تسريح الموظفين.
فمثلا
١- بناء ميناء الفاو سيدخل للعراق واردات تقدر ب٤٠٠ مليار دولار، فميناء جبل علي يدخل للامارات ٣٠٠ مليار سنويا، والنفط لايشكل من موازنة الإمارات الا ٣٤٪، ومع بناء ميناء الفاو وتشغيله ممكن ان يساهم ب٨٠٪من موازنة العراق والنفط وموارد اخرى ٢٠٪ من موازنة العراق.
٢-ممكن تفعيل قطاع السياحة الدينية والاثرية في العراق مع بناء مرافق سياحية، فمن الممكن أن تدر على العراق أرباح بحجم أرباح النفط.
٣- العراق يمتلك بالإضافة للنفط احتياطات هائلة من الغاز الثروة الصاعدة مستقبلا، ومن الممكن أن نصدر لأوروبا عبر اراضي سوريا والبحر المتوسط.
٤- تفعيل القطاع الزراعي وحل مشكلة المياه عبر فتح قناة النجف من الفاو إلى بحر النجف ونصب محطات تحلية مياه عليها.
٥- الانخراط بطريق الحرير وبناء البنى التحتية التي تجعل العراق جاذب للاستثمارات، مع ان مشروع الحرير بنفسه يضمن قفزات في الاقتصاد العراقي.
الا ان تصريحات وزير المالية الذي كان سابقا يعمل في صندوق النقد الدولي، ونفذ كل برامج صندوق النقد الدولي لافقار العراق بدءا من رفع سعر صرف الدولار، إلى اغراق العراق بالديون، جاءت للتمهيد لما تم الاتفاق عليه بين الكاظمي والولايات المتحدة بالورقة التي قدمتها غرفة التجارة الأمريكية، ومجلس رجال الأعمال العراقي الأمريكي والتي تضمنت المحاور الأربعة :-
١- الاستثمار بالغاز والغاز المصاحب
٢- تخصيص القطاع الصحي
٣- تخصيص القطاع المالي العراقي مع دخول مستثمرين اوربيبن وامريكان.
٤- إقامة مناطق صناعية حرة في كركوك والبصرة.
وكما نعلم آن الولايات المتحدة كما يقول المرحوم هيكل عبارة عن (شركة كبيرة )، وان هدفها تحويل العالم لسوق مفتوح تسيطر عليه الشركات الأمريكية عابرة القارات، وان مهمة الحكومة الأمريكية والجيش الأمريكي خدمة مصالح هذه الشركات.
وتصريحات وزير ماليتنا العتيد تمهيد للبدء بتخصيص الاقتصاد العراقي وثروات العراق والاستحواذ عليها من قبل الشركات الأمريكية، وتحويل كل العراقيين إلى عمال إجراء لدى هذه الشركات وهي تمتلك ثرواتهم.
وكلكم يتذكر الفقرة الخاصة ب(بيع اصول الدولة ) االتي اقترحها الكاظمي في موازنة ٢٠٢١ وتم رفضها في البرلمان.
ولا سامح الله ربما هذه الفقرة ستمرر في البرلمان القادم والحكومة القادمة ، ويتم بيع آبار وحقول وانابيب نفط العراق وموانئه ومنشأته واحتياطياته للقطاع الخاص، وهنا يأتي( دور مجلس رجال العمال العراقي الأمريكي) ليكون العراقي مالكا بالظاهر لصالح المستثمر الأمريكي المالك الحقيقي.
وتخصيص كل هذه القطاعات يقتضي تسريح ملايين الموظفين كما حدث في يوغسلافيا (راجع مقالنا الكاظمي وسيناريو يوغسلافيا السابقة لتقسيم العراق )، والعشر سنوات التي تحدث عنها وزير ماليتنا هي الجدول الزمني اللازم لتنفيذ هذا المخطط..
٢٥-١٢-٢٠٢١